للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أيضا: كان أبو حنيفة من عقلاء الرّجال، وكان يبعث بالبضائع إلى بغداد، يشترى (١) بها الأمتعة، ويحملها إلى الكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشترى بها حوائج الأشياخ المحدّثين وأقواتهم، وكسوتهم، وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقى الدّنانير من الأرباح إليهم، فيقول: أنفقوا فى حوائجكم، ولا تحمدوا إلاّ الله؛ فإنى ما أعطيتكم من مالى شيئا، ولكن من فضل الله علىّ فيكم، وهذه أرباح بضاعتكم؛ فإنه هو والله ممّا يجريه الله لكم على يدى فما فى رزق الله حول لغيره.

وحدّث حجر بن عبد الجبّار (١)، قال: ما رأى الناس أكرم مجالسة من أبى حنيفة، ولا أكثر إكراما لأصحابه.

وقال حفص بن حمزة القرشىّ: كان أبو حنيفة ربّما مرّ به الرّجل فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا قام سأل عنه، فإن كانت به فاقة وصله، وإن مرض عاده.

وكان أكرم الناس مجالسة.

وروى (٢) أنه رأى على بعض جلسائه ثيابا رثّة، فأمره فجلس حتى تفرّق الناس، وبقى وحده. فقال له: ارفع المصلّى، وخذ ما تحته.

فرفع الرجل المصلّى وكان تحته ألف درهم. فقال له: خذ هذه الدّراهم فغيّر بها من حالك.

فقال الرجل: إنّي موسر، وأنا فى نعمة، ولست أحتاج إليها.

فقال له: أما بلغك الحديث: «إنّ الله يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده»، فينبغى لك أن تغيّر حالك، حتى لا يغتمّ صديقك.

وروى (٣) أن امرأة جاءت إلى أبى حنيفة تطلب منه ثوب خزّ، فأخرج لها ثوبا.

فقالت له: إنّى امرأة ضعيفة، وإنها أمانة فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك.


(١) فى تاريخ بغداد: «فيشترى».
(٢) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦١.
(٣) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦١.