للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولمّا أراد المأمون (١) أن يدخل ببوران، بنت الحسن بن سهل، جعل الناس يهدون لأبيها/الأشياء النفيسة، وكان من جملة الناس رجل من الأدباء، فأهدى إليه مزودا فيه ملح طيّب، ومزودا فيه أشنان جيّد، وكتب إليه: إنّى كرهت أن تطوى صحيفة أهل البرّ ولا ذكر لى فيها، فوجّهت إليك بالمبتدإ به؛ ليمنه وبركته، وبالمختوم به، لطيبه ونظافته، وكتب إليه:

بضاعتى تقصر عن همّتى … وهمّتى تقصر عن مالى

والملح والأشنان يا سيّدى … أحسن ما يهديه أمثالى

قال: فدخل بهما الحسن بن سهل على المأمون، فأعجبه ذلك، وأمر بالمزودين، ففرّغا وملئا دنانير، وبعث بهما إلى ذلك الأديب.

وولد للمأمون ابنه جعفر (٢)، وبه كان يكنى، فدخل عليه الناس يهنّونه بصنوف التّهانى، ودخل فى جملتهم بعض الشعراء (٣)، وأنشده قوله:

مدّ لك الله الحياة مدّا … حتى يريك ابنك هذا جدّا

ثمّ يفدّى مثلما تفدّى … كأنّه أنت إذا تبدّى

أشبه منك قامة وقدّا … مؤزّرا بمجده مردّى

فأمر له بعشرة آلاف درهم.

وقدم عليه، وهو بدمشق (٤)، مال جزيل بعد ما كان قد أفلس، وشكا إلى أخيه المعتصم ذلك، فورد عليه خزائن من خراسان فيها ثلاثون ألف ألف، فخرج يستعرضها، وقد زيّنت الجمال والإجمال، ومعه يحيى بن أكتم (٥) القاضى، فلما دخلت البلد، قال: ليس من المروءة أن نحوز هذا كلّه والناس ينظرون. ثم فرّق منه أربعة وعشرين ألف ألف درهم، ورجله فى الركاب، لم ينزل عن فرسه.

ومن لطيف شعره (٦):


(١) البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٨.
(٢) تاريخ بغداد ١٩٠،١٠/ ١٨٩، البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٨.
(٣) فى تاريخ بغداد أنه العباس بن الأحنف، وليس فى ديوانه.
(٤) البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٨.
(٥) بالتاء. وسيذكره المؤلف فى ترجمته.
(٦) البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٨، فوات الوفيات ٢/ ٢٣٩، النجوم الزاهرة ٢/ ٢٢٧.