للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

به، أو صين الحكم عنه، والسّلام.

وقال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضى المعتضد بالله على الشّرقيّة، سنة ثلاث وثمانين ومائتين، أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، وكان رجلا ديّنا، ورعا، عالما بمذهب أهل العراق، والفرائض، والحساب، والذّرع، والقسمة، حسن العلم بالجبر، والمقابلة، وحساب الدّور، وغامض الوصايا والمناسخات، قدوة فى العلم بصناعة الحكم، ومباشرة الخصوم، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسّجلاّت والإقرارات.

أخذ العلم عن هلال الرّأى بن يحيى، وكان هذا أحد فقهاء الدنيا من أهل العراق، وأخذ عن بكر العمّىّ، ومحمود الأنصارىّ، ثم صحب عبد الرحمن بن نائل بن نجيح، ومحمد بن شجاع، حتى كان جماعة يفضّلونه على هؤلاء، فأمّا عقله، فلا يعلم أحد رآه، فقال: إنّه رأى أعقل منه.

وعن عبيد الله بن سليمان بن وهب، قال: ما رأيت رجلا أعقل من الموفّق، وأبى خازم القاضى.

وقال أبو برزة الحاسب: لا أعرف فى الدنيا أحسب من أبى خازم.

وقال ابن حبيب الذّارع (١): كنّا ونحن أحداث مع أبى خازم، وكنّا نقعده (٢) قاضيا، ونتقدّم إليه فى الخصومات، فما مضت الأيام والليالى حتى صار قاضيا، وصرنا ذرّاعه.

وقال أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبىّ: وبلغ فى شدّته فى الحكم، أنّ المعتضد وجّه إليه بطريف المخلدىّ، فقال: إن عليّا الضّبعىّ (٣) -وهو بيّع كان للمعتضد ولغيره عليه مال-قد بلغنى أن غرماءه أثبتوا عندك مالهم، وقد قسّطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم. فقال أبو خازم: قل لأمير المؤمنين، إنّى ذاكر لما قال لى وقت قلّدنى، إنّه/قد أخرج الأمر من عنقه، وجعله فى عنقى، ولا يجوز لى أن أحكم فى مال رجل لمدّع إلاّ ببيّنة. فرجع إليه طريف فأخبره، فقال: قل له: فلان وفلان يشهدان. يعنى لرجلين جليلين كانا فى ذلك الوقت. فقال: يشهدان عندى، وأسأل عنهما، فإن زكّيا قبلت شهادتهما، وإلاّ أمضيت ما قد ثبت عندى. فامتنع أولئك


(١) فى تاريخ بغداد ١١/ ٦٣: «الزارع».
(٢) فى تاريخ بغداد: «نتعمده».
(٣) فى تاريخ بغداد ١١/ ٦٣: «الضيعى».