للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورد الضّحى، ثم جاء وقد تكامل الناس، فقاموا كلّهم له، ولم يقم هو فى ذلك المجلس لأحد، ولمّا قدم على قضاء الشّام، قدم بزىّ الفقراء والرّؤساء، ولم يعبأ بالمنصب، ولا غيّر لبسه، ولا وسّع أكمامه، وكان كثير الصّلاح والعبادة، له أوراد لا يقطعها.

حكى عنه أنّه مرّ بوادى الرّبيعة (١)، وهو مخوف جدّا، فنزل وصلّى وقرأ ورده بين العشاءين، والغلمان ينتظرونه بالخيل، فلمّا فرغ ركب وسار، وكان يتواضع للصالحين، ويعتقد فيهم، وإذا حضر الدرس يكون فى مدرسته مملو كان تركيّان بكلاّوات (٢).

كذا نقله فى «الرّوض البسّام»، عن تاريخ الحافظ الذّهبىّ.

ومن نظم مجد الدين قوله (٣):

أحنّ إلى قلبى ومن فيه نازل … ومن أجل من فيها تحبّ المنازل

وأشتاق لمع البرق من نحو أرضكم … ففى البرق من تلك الثّغور رسائل

وإن مال بان الدّوح ملت صبابة … فبين غصون البان منكم شمائل

ولى أرب أن ينزل الرّكب بالحمى … لسيّال دمعى وهو للرّكب سائل

وبى أنّه لا تنقضى أو أراكم … وأبصر نجدا وهو بالحىّ آهل

ترى هل أراكم أو أرى من يراكم … وأبلغ منكم بعض ما أنا آمل

وأحظى بقرب الطيف منكم وإنّه … ليقنعنى من وصلكم وهو باطل

أطالب جفنى بالمنام وقد غدا … يواعدكم أن يلتقى وهو ماطل

وقوله، فى وداع الملك النّاصر (٤):

أقول لصحبى حين ساروا توقّفوا … لعلّى أرى من بالجناب الممنّع

وألثم أرضا ينبت العزّ تربها … وأسقى ثراها من سحائب أدمعى

/وينظر طرفى أين أترك مهجتى … كما أقسمت أن لا تسير غدا معى

وما أنا إن خلّفتها متأسّفا … عليها وقد حلّت بأكرم موضع

ولكن أخاف العمر فى البين ينقضى … على ما أرى والشّمل ليس بمجمع (٥)


(١) فى عيون التواريخ ٢١/ ١٨١: «التربيعة».
(٢) الكلاوات: جمع الكلّوتة، وهى غطاء للرأس. انظر: حاشية السلوك ١/ ٤٩٣.
(٣) ذيل مرآة الزمان ٣١٣،٣/ ٣١٢، عيون التواريخ ٢١/ ١٧٦.
(٤) ذيل مرآة الزمان ٣١٢،٣/ ٣١١، عيون التواريخ ٢١/ ١٧٨.
(٥) فى الذيل والعيون: «والشمل غير مجمع».