للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للتّعجّب من استخلافه، يقول: ولّيت رجلا غريبا فقيرا، فى بلد فيه ذوو الأنساب والأموال والعلوم! فلمّا ورد الكتاب إلى ابن المشترى، قرأه وأمسك، فقال الحاضرون: ينبغى أن تكتب إلى الوزير، وتعرّفه بموضعه من العلم والدّين. فقال: ما يحتاج إلى هذا، وما يتأخّر كتابه بشكرى على ولايته، وإن كان ما عرفه فسيعرفه. فلمّا كان من الغد، جاء كتاب يعتذر عمّا كتب به، ويعتدّ له باستخلافه، فقال ابن المشترى: رآه فى أوّل اجتماعهما نحيف الجسم، منقطع الكلام، فلمّا ازدراه كتب ذلك الكتاب، ثم تعرّفه (١)، فعرف هديه وعلمه، وما /خفى عليه من ذلك فى بكرة (٢) يومه وعشيّته (٢).

وكان ذو السّعادات (٣) ينفق على (٣) العلماء والفضلاء، وبالفضل تقدّم عنده رئيس الرّؤساء أبو القاسم على بن الحسن بن المسلمة، حتى سعى له فى وزارة الخليفة. وسأل ذو السّعادات يوما أبا بكر السّرخسىّ، فقال: ما تقول فى رجل شوّه باسم الله الأعظم؟ فكتب فى أوّل كتابه ما هذه صورته: «مع» (٤). فقال له فى الجواب: يكره للنّاس أن يكتبوا فى أوّل الرّقاع الاسم المحقّق؛ لأنّ الأيدى تتداوله، والناس يبتذلونه ويطّرحونه، وكرهوا أن يخلو الموضع من شئ فكتب (٥)، ليعلم أنّه أوّل الحساب. فاستحسن ذلك الوزير.

قال الهمذانىّ: وحكى أبو عمر محمد بن أحمد النّهاوندىّ، أحد المعدّلين (٦) بالبصرة، قال: ولى أبو بكر السّرخسىّ قضاء بلدنا نوبتين، عزل نفسه من إحداهما، ومضى إلى مرو (٧)، وقصد أبا الفضل الجواليقىّ، شيخا كان بها، فأعطاه خمسمائة دينار.

وكان يداوم الصّوم، وعرف بالزّهد، وكسر النّفس.

وغاب بمسجد طلحة بن عبيد الله، رضى الله تعالى عنه، فى ليلة النّصف من الشهر، وصلّى طول ليلته، وصلّى الفجر بوضوء العشاء، (٨) وجمع له الآلات (٨) والصّنّاع ففرغوا (٩) منه فى تلك الليلة.


(١ - ١) فى الجواهر: «اعترفه».
(٢ - ٢) فى الجواهر: «يوم وعشية».
(٣ - ٣) فى الجواهر: «ينفق عليه».
(٤) كذا فى النسخ، وفى الجواهر: «بع» دون نقط. ولعله الصحيح، والحرف الأول يعنى الباء من «بسم». والثانى يعنى العين من «الأعظم».
(٥) فى الجواهر: يكتب».
(٦) المعدل؛ بالبناء للمجهول: من عدّل وزكّى و وقبلت شهادته. اللباب ٣/ ١٥٧.
(٧) كذا فى النسخ. وفى الجواهر: «رامهرمز».
(٨ - ٨) فى ن: «وسمع له الآيات».
(٩) لعل الضمير عائد على المسجد. وفى بعض نسخ الجواهر: «ففزعوا».