للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاعد (١)، وابن نيروز (٢)، وأبى حامد محمد بن هارون الحضرمىّ، ومحمد بن نوح، وجماعة. ولد سنة ستّ وثلاثمائة. قال الخطيب: كان من أجلاد (٣) الرّجال، وألبّاء الناس، مع تجربة، وحنكة، وفطنة، وبصيرة ثاقبة، وعزيمة ماضية، وكان يجمع وسامة فى منظره، وظرفا فى ملبسه، وطلاقة فى مجلسه، وبلاغة/فى خطابه، ونهوضا بأعباء الأحكام، وهيبة فى القلوب، قد ضرب فى الأدب بسهم، وأخذ من علم الكلام بحظّ. قال العتيقىّ: كان مجرّدا فى الاعتزال، ولم يكن له سماع كثير.

قلت: روى عنه الحسن بن محمد الخلاّل، والعتيقىّ، وعبد الواحد بن شيطا، وأبو جعفر بن المسلمة. ووثّقه الخطيب.

توفّى فى صفر. وله شعر رائق.

انتهى ما قاله الذّهبىّ بحروفه، فى وفيات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

وذكره الثّعالبىّ، فى كتاب «يتيمة الدهر»، ولكن لم يتعرّض لمذهبه فى الفقه، فقال: وكان، كما قرأته فى فصل للصّاحب، شجرة فضل عودها أدب، وأغصانها علم، وثمرتها عقل، وعروقها شرف، تسقيها سماء الحرّيّة، وتغذّيها أرض المروّة.

ثم قال، أعنى الثّعالبىّ: وقد تقدّم بعض ذكره فى منادمة المهلّبىّ، وغيره من الوزراء، وجمعه بين جدّ العلم وهزل الظّرف، وخشونة الحكم ولين قشرة العشرة، وكان على تقلّده قضاء القضاة دفعات بالحضرة، واشتغاله بجلائل [الأعمال من أمور] (٤) المملكة، يقول شعرا لطيفا فى الغزل، يتعاوده القوّالون والقيان ملحّنا.

قال: وقرأت لأبى إسحاق الصّابى فصلا، وهو: وصل كتاب قاضى القضاة بالألفاظ التى لو مازجت البحر لأعذبته، والمعانى التى لو واجهت دجى الليل لأزاحته، فلم أدر بأىّ مذاهبه فيها أعجب، ولا من أيّها أتعجّب، أمن قريض عقوده منظومة، أم من ألفاظ لآليها منثورة، أم من ولوجها الأسماع سائغة، أم من شفائها الغلّة ناقعة، فأمّا الأبيات التى رسم المغنّى (٥) بتلحينها، وقال بمذهب أهل الحجاز فيها، فما أعرف كفوا لمثلها ملحّنا ولو كان إسحاق الموصلىّ، ولا


(١) أى: يحيى بن محمد بن صاعد.
(٢) فى النسخ: «فيروز». وهو محمد بن إبراهيم بن نيروز، انظر: تاريخ بغداد.
(٣) فى تاريخ بغداد: «أجلاء». والمصنف ينقل عن الذهبى، وفيه: «أجلاد».
(٤) تكملة من اليتيمة.
(٥) فى النسخ: «المعنى». وفى اليتيمة: «التقدم».