للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان يقتضى (١) ذلك كلّما قدم علىّ تقاضى الغريم الملحّ، فأقول: هذا أمر لا يصلح بواحد، ما أطاقته الأنبياء حتى عقدت عليه من السّماء، وهذه فريضة ليست كالفرائض، يقوم بها (٢) الرجل وحده، وهذا متى أمر الرجل به وحده أشاط (٣) بدمه، وعرّض نفسه للقتل، فأخاف أن يعين على قتل نفسه، ولكن ننتظر (٤)، فقد قالت الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها﴾ الآية (٥).

ثم خرج إلى مرو، حتى كان أبو مسلم فكلّمه بكلام غليظ، فأخذه، فاجتمع عليه فقهاء (٦) خراسان وعبّادهم حتى أطلقوه، ثم عاوده، فزجره، ثمّ عاوده، ثمّ قال: ما أجد شيئا أقوم به لله تعالى أفضل من جهادك، ولأجاهدنّك بلسانى، ليس لى قوة بيدى، ولكن يرانى الله وأنا أبغضك فيه. فقتله، رحمه الله تعالى.

وروى ابن عساكر فى «تاريخ دمشق» بسنده، عن الحسن بن رشيد العنبرىّ، قال:

سمعت يزيد النّحوىّ، يقول: أتانى إبراهيم الصّائغ، فقال لى: ما ترى ما يصنع هذا الطاغية! -يعنى أبا مسلم الخراسانىّ -إن الناس معه فى سعة غيرنا أهل العلم.

قال: قلت لو علمت أنّه يصنع بى إحدى الخصلتين لفعلت؛ إن أمرت ونهيت، يقبل منا أو يقتلنا، ولكن أخاف أن يبسط (٧) علينا، وأنا شيخ كبير لا صبر لى على السّياط.

فقال الصّائغ: لكن لا أنتهى عنه.

قال: فذهب إبراهيم، فدخل على أبى مسلم، فأمره ونهاه، فقتله على ذلك (٨).

وعن الحسن بن رشيد، أيضا، أنه قال: سمعت النّعمان: أنا حدّثت إبراهيم الصائغ،


(١) فى ط، ن: «يقضى من» والمثبت فى: ص.
(٢) فى الجواهر المضية: «لها».
(٣) أشاط بدمه: أذهبه، أو عمل على هلاكه، أو عرضه للقتل. القاموس (ش ى ط).
(٤) فى ط، ن: «تنتظر»، وفى الجواهر المضية: «ينتظر»، والمثبت فى: ص.
(٥) سورة البقرة ٣٠.
(٦) فى الجواهر المضية بعد هذا زيادة: «أهل».
(٧) يبسط علينا: يسلط علينا.
(٨) ساقط من: ص، وهو فى: ط، ن.