للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المثانى»؛ أورد فيه مؤاخذات كثيرة، على العلاّمتين الزّمخشرىّ والبيضاوىّ، رحمهما الله تعالى، وصنّف أيضا «شرح البخارىّ»، وسمّاه ب «الكوثر الجارى على رياض البخارى»، ردّ فى كثير من المواضع فيه على الكرمانىّ، وابن حجر، وصنّف «حواشى» لطيفة مقبولة على «شرح الشاطبيّة» للجعبرىّ.

وكانت أوقاته كلّها مصروفة فى التأليف والفتوى، والتدريس والعبادة.

وتخرّج به جماعة كثيرة.

حكى عنه أنّه كان يختم القرآن فى أكثر لياليه، يبتدئ فيه بعد صلاة العشاء الآخرة، ويختمه عند طلوع الفجر.

وكان رجلا طوالا، مهيبا، كبير اللّحية، وكان يصبغها، وكان قوّالا بالحق، لا تأخذه فى الله لومة لائم، يخاطب السّلطان والوزير باسمهما، وإذا لقى أحدا منهما يسلّم الشّرعىّ، ولا ينحنى له، ويصافحه، ولا يقبّل يده، ولا يذهب إلى السّلطان إلاّ إذا دعاه، وكان كثير النّصيحة لمخدومه السلطان محمّد، قوىّ القلب فى الإقدام بها عليه.

وممّا يحكى عنه، أنه قال مرّة لمخدومه المذكور معاتبا: إن الأمير تيمور أرسل بريدا فى مصلحة من المصالح المهمّة، وقال له: إن/احتجت فى الطّريق إلى فرس فخذ فرس كلّ من لقيته، ولو كان ابنى شاه رخ.

فتوجّه البريد إلى ما أمر به، فلقى فى طريقه العلاّمة سعد الدّين التفتازانىّ، وهو نازل فى بعض المواضع، وخيله مربوطة بإزاء خيمته، فأخذ البريد منها فرسا واحدا، فظهر السّعد إليه من الخيمة، وأمسكه وأخذ الفرس منه، وضربه ضربا شديدا.

فرجع البريد إلى تيمور، وأخبره بذلك، فغضب غضبا شديدا، ثم قال: لو كان ابنى لقتلته، ولكن كيف أقتل رجلا ما دخلت إلى بلدة إلا وقد دخلها تصنيفه قبل دخول سيفى.

ثم قال الكورانىّ: إن تصانيفى تقرأ الآن بمكة، ولم يبلغ إليها سيفك.

فقال له السّلطان محمّد خان: نعم، كان الناس يكتبون تصانيفه، ويرحلون من سائر الأقطار إليها، وأمّا أنت فكتبت تصنيفك، وأرسلت به إلى مكة.