للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت: وقد ذكرت أنا هذه القصّة لبعض موالى الدّيار الرّوميّة، فقال: لو كنت أنا مكان ابن زائدة ما أعطيته إلاّ الغلام فقط، إذ لا يركب غيره.

وعن محمد بن عبد الملك الزّيّات الوزير، قال: كان رجل من ولد (١) عمر بن الخطّاب، ، لا يلقى أحمد بن أبى دواد إلاّ لعنه، ودعا عليه، سواء وجده منفردا، أو فى محفل، وأحمد لا يردّ عليه؛ فاتّفق أن عرضت للعمرىّ حاجة عند المعتصم، فسألنى أن أرفع قضيّته، فخشيت أن يعارض أحمد، فامتنعت، فألحّ علىّ، فأخذت قصّته، ودخلت إلى المعتصم، فلم أجد أحمد، فاغتنمت غيبته، ودفعت له قصّة الرّجل، فدخل أحمد وهى فى يده، فناولها له، فلما رأى اسمه، وفيه أنّه من ذرّيّة عمر بن الخطّاب، قال: يا أمير المؤمنين، عمر ابن الخطاب يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، تقضى لولده كلّ حاجة.

فوقّع بقضاء حاجته، وأخذت القصّة، ودفعتها للرّجل، وقلت له: اشكر القاضى، فهو الذى اعتنى بك حتى قضيت حاجتك.

فجلس الرّجل حتى خرج أحمد، فقام إليه، فجعل يدعو له ويشكره، فالتفت إليه أحمد، وقال له: اذهب عافاك الله، فإنى إنّما فعلت ذلك لعمر، لا لك.

*** ومن أخباره الشّنيعة المتعلّقة بأمر المحنة بالقول بخلق القرآن، وبقيامه فى ذلك، على وجه الاختصار، ما حكاه ابن السّبكىّ فى «الطّبقات الكبرى» فى ترجمة الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى، قال (٢): ذكر الدّاهية الدّهيا، والمصيبة العظمى، وهى محنة علماء الزمان، ودعاؤهم إلى القول بخلق القرآن، وقيام أحمد بن حنبل الشّيبانىّ، وابن نصر الخزاعىّ، مقام الصّدّيقين، وما اتّفق فى تلك الكائنة من أعاجيب تناقلتها الرّواة على ممرّ السّنين:

كان القاضى أحمد بن أبى دواد ممّن نشأ فى العلم، وتضلّع بعلم الكلام، وصحب فيه


(١) فى ط، ن: «أولاد»، والمثبت فى: ص.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٣٧ - ٦١. وتصرف التميمى بعض التصرف فى عبارة ابن السبكى.