للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان من الأسباب/فى رفع الفتنة، أن الواثق أتى بشيخ مقيّد، فقال له ابن أبى دواد:

يا شيخ، ما تقول فى القرآن، أمخلوق هو؟.

فقال له الشيخ: لم تنصفنى المسألة، أنا أسألك قبل الجواب، هذا الذى تقوله يا ابن أبى دواد من خلق القرآن شئ علمه رسول الله ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلىّ، رضى الله تعالى عنهم، أو جهلوه؟

فقال: بل علموه.

فقال: هل دعوا الناس إليه، كما دعوتهم أنت، أو سكتوا؟

قال: بل سكتوا.

قال: فهلاّ وسعك ما وسعهم من السّكوت!

فسكت ابن أبى دواد، وأعجب الواثق كلامه، وأمر بإطلاق سبيله، وقام الواثق من مجلسه وهو على ما حكى يقول: هلاّ وسعك ما وسعهم. يكرّر هذه الكلمة.

وكان ذلك من الأسباب فى خمود الفتنة، وإن كان رفعها بالكلية إنما كان على يد المتوكل.

قال:-أعنى ابن السّبكىّ -وهذا الذى أوردناه فى هذه الحكاية هو ما ثبت من غير زيادة ولا نقصان، ومنهم من زاد فيها ما لا يثبت، فاحفظ ما أثبتناه، ودع ما عداه، فليس عند ابن أبى دواد من الجهل ما يصل به إلى أن يقول: جهلوه. وإنّما نسبة هذا إليه تعصّب عليه، والحقّ وسط، فابن أبى دواد مبتدع، ضالّ مبطل لا محالة، ولا يستدعى أمره أن يدّعى شيئا ظهر له، وخفى على رسول الله ، والخلفاء الراشدين، كما حكى عنه فى هذه الحكاية، فهذا معاذ الله أن يقوله أو يظنّه أحد يتزيّى بزىّ المسلمين، ولو فاه به ابن أبى دواد لفرّق الواثق من ساعته بين رأسه وبدنه.

قال: وشيخنا الذّهبىّ، وإن كان فى ترجمة ابن أبى دواد حكى الحكاية على الوجه الذى لا نرضاه، فقد أوردها فى ترجمة الواثق من غير ما وجه على الوجه الثابت.