للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اليوم حاجتنا إليك وإنّما … يدعى اللّبيب لساعة الأوصاب (١)

قال أبو بكر ابن دريد (٢): كان ابن أبى دواد مألفا (٣) لأهل الأدب، من أىّ بلد كانوا، وكان قد ضمّ منهم جماعة يعولهم ويمونهم، فلما مات حضر ببابه جماعة منهم، وقالوا:

يدفن من كان على ساقة الكرم، وتاريخ الأدب، ولا نتكلّم، إن هذا وهن وتقصير.

فلما طلع سريره قام إليه ثلاثة منهم، فقال أحدهم:

اليوم مات نظام الملك واللّسن … /ومات من كان يستعدى على الزّمن

وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت … شمس المكارم فى غيم من الكفن

وتقدّم الثانى، فقال:

ترك المنابر والسّرير تواضعا … وله منابر لو يشا وسرير

ولغيره يجبى الخراج وإنما … يجبى إليه محامد وأجور

وتقدّم الثالث، فقال:

وليس فتيق المسك ريح حنوطه … ولكنّه ذاك الثّناء المخلّف

وليس صرير النّعش ما تسمعونه … ولكنه أصلاب قوم تقصّف

هذا، وقد أطلقنا عنان القلم فى ترجمة أحمد، ومع ذلك لو رمنا حصر محاسنه، وما يؤثر عنه من مكارم الأخلاق، ومن مساويها التى تعزى إليه فى أمر المحنة، لكلّ لسان القلم، وقصر باع الاطّلاع.

وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد الوقوف على حاله، وما كان عليه من الحسن والقبح.

تجاوز الله عنه، إنّه جواد كريم.

***


(١) فى وفيات الأعيان، والفهرست: «فاليوم .. لشدة الأوصاب»، والمثبت فى: الأصول، وتاريخ بغداد.
(٢) هذا أيضا فى: وفيات الأعيان ١/ ٩٠، وتاريخ بغداد ١٥١،٤/ ١٥٠.
(٣) فى وفيات الأعيان: «مؤالفا».