للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفتّش (١) عليه وصودر، والأولى بنا أن نضرب صفحا عن ذكر ما هو شائع عنه بين العوامّ والخواصّ، من الأوصاف التى لا تليق بمن ينتمى إلى العلم وأهله أن يتلبّس بها، وفضل الله أوسع من ذنوبه.

وأمّا صاحب الترجمة، فإنّه قد اشتغل، ودأب، وحصّل، وصار ملازما من قاضى القضاة السّيّد الشريف محمّد، المعروف بمعلول أمير، كما يزعم هو، والله تعالى أعلم.

ثمّ صار مدرّسا فى بعض المدارس بديار العرب، وألقى بها يسيرا من الدّروس، بحضور من لا يعترضه، لا فى الخطأ، ولا فى الصواب.

ولم يزل طالبا للقضاء، راغبا فى تحصيله، طائرا إليه بأجنحة الطّمع الزائد، وحبّ الرياسة المفرطة، إلى أن بلغ منه مراده، وصار يتولاه تارة، ويعزل منه أخرى.

ومن جملة البلاد التى ولى قضاءها فوّة (٢)، والبحيرة، والجيزة، والخانقاه السّرياقوسيّة، وغيرها.

وكان يعامل الرّعايا بكلّ حيلة يعرفها، وكلّ خديعة يقدر عليها، ويتوصّل بذلك إلى أخذ أموالهم، والاستيلاء على أرزاقهم، فحصّل من ذلك أموالا جزيلة، لا تعدّ ولا تحصى، وأضافها إلى ما ورثه من مال أبيه، وهو فيما يقال عنه كثير جدّا، ومدّة عمره وجميع دهره ما رؤى، ولا سمع، أنّه تصدّق على فقير بكسرة ولا درهم نقرة، ولا أضاف غريبا، ولا وصل قريبا، وأمّا إخراج الزكاة فما أظنّ أنّه قرأ لها بابا، ولا رأت عينه لها أصحابا.

وأمّا الكتب النّفيسة فإن عنده منها ما ينوف على أربعين ألف مجلّد، وأكثرها من كتب الأوقاف، وضع يده عليها، ومنع أهل العلم من النّظر إليها، وطالت الأيام، ومضى عليها أعوام، ونسيت عنده، وغيّر شروطها، ومحا ما يستدلّ به من كونها وقفا من أوائلها وأواخرها، وزاد ونقص، وصارت كلّها ملكا له فى الظّاهر، ولم يخف الله ولا اليوم الآخر.

وقد شاع وذاع، وملأ الأفواه والأسماع، أن أجرة مسقّعات أملاكه وأوقافه تزيد كلّ يوم على عشرين أو ثلاثين دينارا ذهبا.


(١) فى ن بعد هذا زيادة: «وامتحن».
(٢) فوة: بليدة على شاطئ النيل، من نواحى مصر، قرب رشيد. معجم البلدان ٢/ ٩٢٤.