للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشهاب ابن فضل الله: كان كبير المروءة، حسن المعاشرة، سخىّ النّفس، فوق السّبعين سنة يدرّس بدمشق، وغالب رؤساء مذهبه من الحكّام، والمدرّسين، كانوا طلبة عنده، وقلّ منهم من أفتى ودرّس، بغير خطّه.

وقال ابن حبيب فى حقّه: إمام مذهبه، عارف بنقد فضّته وذهبه، حسن التّلطّف، كثير التعفّف، ذو نفس زكيّة، وسيرة مرضيّة، وأخلاق كريمة، ومناقب وجوهها وسيمة، معروف بالمكارم، موصوف بالهمم والعزائم.

باشر بدمشق تدريس عدّة مدارس، وزيّن بنجوم علومه مذولى القضاء بها آفاق المجالس، واستمرّ معدودا من الأكابر والأعيان، إلى أن فرّق الموت بينه وبين الأهل والأوطان. انتهى.

وذكر صاحب آكام المرجان (١)، عن الشّهاب ابن فضل الله العمرىّ، عنه، حكاية غريبة، لا بأس بذكرها هنا، قال: سفرنى أبى إلى الشّرق لإحضار اهله إلى (٢) الشام، فألجأنا المطر حتى نمنا فى مغارة، فبينا أنا نائم إذا شئ يوقظنى، فانتبهت، فإذا امرة لها عين واحدة مشقوقة، فارتعت، فقالت: لا تخف، إنّي رغبت أن أزوّجك ابنة لى كالقمر.

فقلت: على خيرة الله.

ثم نظرت فإذا برجال فى هيئة قاض وشهود، وكلّهم بصفة المرأة، (٣) فخطب أحدهم، وعقد، وقبلت، ونهضوا.

وعادت المرأة (٣)، ومعها جارية حسناء (٤) فتركتها عندى، وانصرفت، فارتعت، وخفت خوفا شديدا، ولم أقرب تلك الجارية، ورحلنا، وهى معنا.

فلما كان فى اليوم الرابع حضرت تلك المرأة، فقالت: كأنّ هذه الشّابّة ما أعجبتك؟

فقلت: نعم.


(١) آكام المرجان فى أحكام الجان ٧٠،٦٩، وتصرف التميمى يسيرا فى رواية القصة.
(٢) فى آكام المرجان: «من».
(٣ - ٣) ساقط من: ص، وهو فى: ط، ن، وقريب منه فى آكام المرجان.
(٤) فى آكام المرجان زيادة: «إلا أن عينها مثل عين أمها».