للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ جلال الدين السّيوطىّ فى كتابه «نظم العقيان، فى أعيان الأعيان (١)»، بعد نقله كلام الصّفدىّ هذا، قلت: قد تعرّض للمسألة من المتقدّمين ابن درستويه، فى الكتاب «المتمم»، فقال: الشهور كلها مذكّرة إلاّ جمادى، وليس شئ منها يضاف إليه شهر إلاّ شهرا ربيع، وشهر رمضان، قال الله تعالى (٢): ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾.

وقال الرّاعى (٣):

شهرى ربيع ما تذوق لبونهم … إلاّ حموضا وخمة ودويلا (٤)

فما كان من أسمائها اسما للشهر، أو صفة قامت مقام الاسم، فهو الذى لم يجز أن يضاف الشهر إليه، ولا يذكر معه، كالمحرّم، إنما معناه الشهر المحرّم؛ وهو من الأشهر الحرم، وكصفر، وهو اسم معرفة كزيد، من قولهم: صفر الإناء يصفر صفرا، إذا خلا، وجمادى، وهى معرفة، وليست بصفة، وهى من جمود الماء، ورجب وهو معرّف، مثل صفر، وهو من قولهم: رجبت الشئ. أى عظّمته؛ لأنه أيضا من الأشهر الحرم، وشعبان؛ وهو صفة بمنزلة عطشان، من التشعّب والتفرّق، وشوال، وهو صفة جرت مجرى الاسم، وصارت معرفة، وفيها تشول الإبل، وذى القعدة، وهى صفة قامت مقام الشهر والقعود عن التصرف، كقولك، هذا الرجل ذو الجلسة، فإذا حذفت الرجل قلت: ذو الجلسة، وذى الحجّة مثله، مأخوذ من الحجّ.

وأما الربيعان، ورمضان، فليست بأسماء للشهر، ولا صفات له، فلا بدّ من إضافة شهر إليها، كقولك شهر ربيع، وشهر رمضان، ويدلّك على ذلك أن رمضان فعلان من الرّمضاء،


(١) نظم العقيان ١٢،١١.
(٢) سورة البقرة ١٨٥.
(٣) البيت فى جمهرة أشعار العرب ٣٤٧ من ملحمته، واللسان (دول) ١١/ ٢٥٤، وانظر شعر الراعى ١٤١.
(٤) الحموض: جمع حمض، ووخمة: ذات وخم، والدويل: اليابس من النبات وغيره، وهو أيضا: الكلأ الذى أتت عليه سنتان.
ورواية الجمهرة «وخمة وذبيلا»، والذبيل: اليابس أيضا.