للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان خيّرا ساكنا، قليل الغضب، حتى يقال: إنه لم يسمع منه أحد طول نيابته بمصر وحلب، كلمة سوء، وكان للملك به جمال.

وكان له حنوّ على ابن الوكيل، وأبى حيّان، وابن سيّد الناس، وغيرهم. انتهى.

وأرغون هذا، هو الذى أمر بحفر نهر السّاجور، وإجرائه إلى حلب، وجمع الناس على ذلك، واجتهد فيه بحيث كمل فى نحو ستة أشهر، وأنفق عليه جملة من المال، وكان يوم وصوله يوما مشهودا، وكان قبل أرغون هذا بعض النّوّاب قصد سوقه إلى حلب، كما فعل أرغون، فقيل: من ساقه يموت من عامه. فتأخّر عنه، وقيل مثل ذلك لأرغون، فقال: لا أرجع عن خير عزمت عليه.

فقدّر الله تعالى أنه مرض، ومات من عامه، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.

وأنشد القاضى شرف الدين الحسين بن ريّان، فى إجراء نهر السّاجور، قوله (١) (٢)

لمّا أتى نهر السّاجور قلت له … كم ذا التّأخّر من حين إلى حين (٣)

فقال أخّرنى ربّى ليجعلنى … من بعض معروف سيف الدّين أرغون

وأنشد القاضى بدر الدين حسن بن حبيب (٤):

قد أضحت الشّهباء تثنى على … أرغون فى صبح وديجور (٥)

من نهر السّاجور أجرى بها … للناس بحرا غير مسجور

وبالجملة، فقد كان من خيار الحكّام، ومحاسن ولاة الأنام.

ولمّا مات، رحمه الله تعالى، كان عمره نحو الخمسين، ودفن فى تربته التى أنشأها بسوق الخيل بين بابى القوس (٦).

***


(١) الساجور: اسم نهر بمنبج، هكذا يذكر ياقوت فى معجم البلدان ٢/ ٨، وقد ذكر ابن تغرى بردى، وابن حجر، أن أرغون أجراه إلى حلب.
(٢) البيتان فى: النجوم الزاهرة ٩/ ٢٨٩، وروض المناظر ١٢/ ١٧٠.
(٣) فى النجوم: «ماذا التأخر».
(٤) البيتان أيضا فى النجوم الزاهرة ٩/ ٢٨٩، وروض المناظر ١٢/ ١٧٠.
(٥) فى النجوم: «قد أصبحت الشهباء».
(٦) فى ط، ن: «السوق»، والمثبت فى: س، وروض المناظر.