للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكر مقتل جعفر، وإيقاع الرشيد به وبأهل بيته وذكر السبب فى ذلك على وجه الاختصار، فإن فيه عبرة لمن يعتبر، وعظة لمن يتّعظ، وتنبيها لمن هو غافل عن غدر الدنيا لأربابها، وإساءتها بعد الإحسان لأصحابها، وقد نقلت ذلك من التواريخ المعتمدة، كتاريخ الخطيب، وتاريخ ابن كثير، وغيرهما.

قال ابن كثير (١) رحمه الله تعالى: ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة، فيها كان مقتل الرّشيد جعفر بن يحيى بن خالد البرمكىّ، ودمار ديارهم، واندثار آثارهم، وذهاب صغارهم وكبارهم، وقد اختلف فى سبب ذلك على أقوال، ذكرها أبو جعفر بن جرير، وغيره من علماء التاريخ، فممّا قيل: إن الرشيد قد سلّم يحيى بن عبد الله بن حسن إلى جعفر البرمكىّ، فسجنه عنده، قال: فما زال يحيى يترفّق له حتى أطلقه جعفر، فنمّ الفضل بن الربيع على جعفر فى ذلك، فقال له الرشيد: ويلك، لا تدخل بينى وبين جعفر، فلعلّه قد أطلقه على أمرى وأنا لا أشعر. ثم سأل الرشيد جعفر عن ذلك فصدقه الحال، فتغيّظ عليه الرشيد، وحلف ليقتلنّه، وكره البرامكة، ومقتهم، وقلاهم، بعد ما كانوا أحظى الناس عنده، وأحبّهم إليه، وكانت أمّ جعفر والفضل أمّه من الرّضاعة، وجعلهم من الرّفعة فى الدنيا وكثرة المال، بسبب ذلك فى شئ كثير لم يحصل لمن قبلهم من الوزراء، ولا لمن بعدهم من الأكابر والرّؤساء، بحيث إن جعفرا بنى دارا، وغرم عليها عشرين ألف ألف درهم، وكان ذلك (٢) من جملة ما كبر عليه بسببه (٢).

ويقال: إن الرشيد كان لا يمرّ ببلد ولا إقليم فيسأل عن قرية أو مزرعة أو بستان، إلاّ قيل: هذا لجعفر.

وقد قيل (٣): إن البرامكة كانوا يريدون إبطال خلافة الرشيد، وإظهار الزّندقة، ويؤيّد ذلك ما روى أنّ الرشيد أتى بأنس بن أبى شيخ، وكان يتّهم (٤) بالزّندقة، وكان مصاحبا


(١) البداية والنهاية ١٠/ ١٨٩.
(٢ - ٢) فى البداية والنهاية: «من جملة ما نقمه عليهم الرشيد».
(٣) البداية والنهاية ١٩١،١٠/ ١٩٠.
(٤) فى س: «متهما»، والمثبت فى: ط، ن، والبداية.