للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنّى، فقمت أنا إليه، فأخذت السّكّين من يده فذبحته، فما هو إلاّ أن تكون قلوبكم عند السّيّد حتى تروا من عجائب لطفه ما لا ترون من الآباء والأمّهات.

وروى (١) أنّ رجلا جاء إليه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أىّ شئ رأس الزهد، ووسط الزهد، وآخر الزهد؟

فقال: رأس الزهد الثّقة بالله، ووسطه الصبر، وآخره الإخلاص.

وكان أبو بكر الورّاق، يقول (٢): حاتم الأصمّ لقمان هذه الأمّة.

والسّبب فى تسميته بالأصمّ (٣) أنّ امرأة جاءت إليه تسأله عن مسألة، فاتّفق أنه خرج منها فى تلك الحالة صوت، فخجلت، فقال حاتم: ارفعى صوتك. وأراها (٤) من نفسه أنّه أصمّ، فسرّت المرأة بذلك، وقالت: إنّه لم يسمع الصوت (٥). فغلب عليه اسم الأصمّ.

ومحاسن حاتم وفضائله تجلّ عن الإحصاء. وتتجاوز حدّ الضّبط، وفيما ذكرناه أدلّ دليل على علوّ شأنه، وحسن اعتقاده، وخلوص إيمانه.

وكانت وفاته بواشجرد (٦)، عند رباط يقال له: سروند، على جبل فوق واشجرد، سنة سبع وثلاثين ومائتين.

وله ولد يقال له: حسن، وقيل: يقال له خشكدا، والله تعالى أعلم.

وقد ذكر لحاتم الأصمّ هذا صاحب «مناقب الأبرار، ومحاسن الأخيار» ترجمة واسعة، ضمّنها شيئا كثيرا من زهديّاته وحكميّاته، لا بأس بإيرادها، أو إيراد خلاصتها، فإنّ غالبه ينبغى أن يكتب بماء الذهب على صفحات الخدود.


(١) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٥.
(٢) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٥، وانظر العبر ١/ ٤٢٤.
(٣) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٤، وانظر اللباب ١/ ٥٧.
(٤) فى تاريخ بغداد: «وأرى».
(٥) ساقط من: ن، وهو فى س، ط، وتاريخ بغداد.
(٦) واشجرد: من قرى ما وراء النهر. معجم البلدان ٤/ ٨٩١.