للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفى الصّحيحين، من رواية أنس رضى الله تعالى عنه (١): كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول: لا يفطر. ويفطر حتى نقول: لا يصوم.

وكان ﵊ تنام عيناه ولا ينام قلبه، انتظارا للوحى.

وإذا نام نفخ، ولا يغطّ.

وإذا رأى فى منامه ما يكره قال: «هو الله لا شريك له».

وإذا أخذ مضجعه قال: «ربّ قنى عذابك يوم تبعث عبادك».

وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النّشور».

وكان لا يأكل الصّدقة، ويأكل الهديّة، ويكافئ عليها، ولا يتأنّق فى مأكل، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع. وآتاه الله مفاتيح خزائن الأرض فلم يقبلها، واختار الآخرة، وأكل الخبز بالخلّ، وقال: «نعم الإدام الخلّ». وأكل لحم الدّجاج، ولحم الحبارى، وكان يأكل ما وجد، ولا يردّ ما حضر، ولا يتكلّف ما لم يحضر، ولا يتورّع عن مطعم حلال؛ إن وجد تمرا دون خبز أكله، وإن وجد حلوا أو عسلا أكله.

وكان أحبّ الشّراب إليه الحلو البارد. وقال لأبى الهيثم (٢) بن التّيّهان «كأنّك علمت حبّنا للّحم». وكان لا يأكل متّكئا، ولا على خوان. لم يشبع من خبز برّ ثلاثا تباعا، حتى لقى الله ﷿ إيثارا على نفسه، لا فقرا ولا بخلا. ويجيب الوليمة، ويجيب دعوة


(١) هذا لفظ عائشة ﵂ فى الصحيحين، وليس لفظ أنس ﵁، وإنما الرواية عن أنس فى صحيح البخارى: «كان رسول الله ﷺ يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا»، وفى صحيح مسلم: «أن رسول الله ﷺ كان يصوم حتى يقال: قد صام، قد صام. ويفطر حتى يقال: قد أفطر، قد أفطر». انظر صحيح البخارى (باب صوم شعبان، وباب ما يذكر من صوم النبى ﷺ وإفطاره، من كتاب الصيام) ٣/ ٥٠، وصحيح مسلم (باب صيام النبى ﷺ فى غير رمضان، واستحباب أن لا يخلى شهرا عن صوم، من كتاب الصيام)،٢/ ٨٠٩ - ٨١٢.
(٢) فى الأصول: «للهيثم»، وهو خطأ، وإنما هو أبو الهيثم مالك بن التيهان بن مالك الأنصارى. انظر أسد الغابة ٤/ ٢٧٤، الاشتقاق ٤٤٥.