للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم ورد دمشق فولى القضاء بها أيضا نحوا من عشرين سنة.

ثم نقل إلى قضاء الدّيار المصريّة، فى صفر، سنة ست وتسعين وستمائة، بعناية المنصور لاجين، لأنّه كان يصحبه لمّا كان نائب دمشق، فاختصّ به كثيرا، فلمّا ولى السّلطنة استقدمه وولاّه القضاء، فلم يزل إلى أن قتل لاجين.

واتّفق أنّه قتل وهو عنده، فلمّا تسلطن النّاصر صرفه عن القضاء (١)، فرجع إلى دمشق، ولم يزل بها حتى كانت وقعة التّاتار (١)، فعدم فيها، قيل: إنهم أسروه، وباعوه للفرنج، فأخذوه إلى بلادهم، وعرفوا أنّه من أهل العلم بالطّبّ فصار يلاطفهم بطبّه.

ويقال: إنّه حصل له بعد أن استقرّ عندهم بقبرس (٢) إسهال، ودام به حتى مات.

وقيل غير ذلك، والله أعلم بحقيقة الحال.

وكانت وقعة التّاتار المذكورة، فى سنة تسع وتسعين وستمائة.

وكان، رحمه الله تعالى، إماما علاّمة، كثير الفضل والإفضال (٣)، كثير التّودّد إلى الناس.

أثنى عليه الشّهاب ابن فضل الله، وغيره.

وذكره (٤) الصّلاح الصّفدىّ فى «أعيان العصر، وأعوان النّصر»، وقال فى حقّه: كان مجموع الفضائل، عريّا من الرّذائل، كثير المكارم، عفيفا عن المحارم، ظاهر الرّئاسة، (٥) حريّا بالسّياسة (٥)، خليقا بالنّفاسة، يتقرّب (٦) إلى الناس بالودّ، ويتجنّب الخصماء اللّدّ، فيه مروّة وحشمة، وبينه وبين المفاخر قرابة ولحمة، وله نظم وأدب، ورغبة فى إذاعة الخير واجتهاد وطلب.

ولد بأقسراى، سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وولى قضاء ملطية أكثر من عشرين سنة.

ثم نزح إلى الشام، سنة خمس وسبعين وستمائة، خوفا من التّاتار، وأقام بدمشق، وولى


(١ - ١) ساقط من: ط، ن، وهو فى: س.
(٢) هى التى تعرف الآن بقبرص. وهى جزيرة فى بحر الروم. انظر معجم البلدان ٤/ ٢٩.
(٣) فى ن: «الفضائل» والمثبت فى: س، ط.
(٤) سقطت واو العطف من: ط، ن، وهى فى: س.
(٥ - ٥) ساقط من: ن، وهو فى: س، ط.
(٦) فى ن: «متقربا»، والمثبت فى: س، ط.