للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أسلم فأطلق، فقال القاضى حسام الدّين فى ذلك (١):

إلى م فتور العزم يا آل أحمد … بإبقاء كلب سبّ دين محمّد

وكان إذا ما أذّن القوم سبّه … وكان لذكر القبح فيه بمرصد

بإسلامه لا يدرأ الحدّ بعد ما … تكرّر منه الشّرّ فى كلّ مورد

على مثله أهل المواهب أجمعوا … فكن ممضيا فى نحره بمهنّد

فأنتم ليوث الحرب فى كلّ معرك … وأنتم سهام الغزو فى كلّ مشهد

وهى طويلة.

ولمّا ولى قضاء الدّيار المصريّة، عوضا عن قاضى القضاة شمس الدين أبى العباس أحمد بن برهان الدين أبى إسحاق إبراهيم بن عبد الغنىّ السّروجىّ الحنفىّ، كتب له تقليد بخطّ الإمام الرئيس شهاب الدين أبى الثّناء محمود بن سليمان الحلبىّ، منه:

وبعد: فإنّ أولى من ألقيت إليه مقاليد الحكم فى الممالك، وفوّض إليه على سعة الأعمال المصريّة والشاميّة قضاء القضاة فيما هنا وفيما هنالك، وأجريت أقلامه بالعدل والإحسان وأشرق بمسود مداده كلّ (٢) حال حالك، وغدقت آراء الدولة منه بمشير ما اشتبهت مسالك الصّواب فى أمر إلاّ وأوضح له (٣) التّوفيق الإلهىّ تلك المسالك، ومن سارت ركائب فضله فى الآفاق، وقيّدت الطلبة عنه العلوم على اختلافها فلم يختلف فى أنه هو العالم على الإطلاق، فلو أدرك عصر إمامه لكان له وارثا، ولصاحبيه فى الرّتبة ثالثا، ولشاد أفكاره للنّعمان ما لم يشده شعر زياد (٤)، ولاقتدى (٥) به فى القياس من حادّه فى طريقته وحاد، ولو تأخّر الرّازىّ إلى عصره، لعلم أنّ اتّصافه بالفخر لكونه من مصره، مع أصالة رأى من قاس آراء قيس (٦) ببعضها فقد أبطل، وشجاعة لو تقدّم عصرها لرجع عمّا قاله فى بنى أميّة الأخطل، وبلاغة قال فيها البليغ ما قاله البليد، وبراعة ما عبد الرحيم (٧) فى الفخر عن إدراك شأوها إلاّ كعبد الحميد.


(١) الابيات فى رفع الإصر ١/ ١٨٥.
(٢) تكملة من: ن، لما فى: ط، وفى س: «بمسود أقلامه كل حال حالك».
(٣) تكملة من: س، لما فى: ط، ن.
(٤) يعنى النابغة الذبيانى زياد بن معاوية.
(٥) فى ن: «القياد»، والصواب فى: س، ط.
(٦) يعنى قيس بن عاصم بن سنان المنقرى، الذى عرف بالحلم وجودة الرأى، المتوفى نحو سنة عشرين للهجرة.
(٧) يعنى القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على الوزير الكاتب، المتوفى سنة ست وتسعين وخمسمائة.