للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وممّن قرأ عليه ثمّ الشّمس/الوزيرىّ الخطيب، وأثنى (١)، هو وغيره، على فضائله (٢) وتحقيقه.

قال السّخاوىّ: والفنرىّ لقب لجدّ أبيه؛ لأنه فيما قيل أوّل ما قدم على ملك الرّوم أهدى له فنارا، فكان إذا سأل عنه يقول: أين الفنرىّ؟ فعرف بذلك.

وذكره فى «الشّقائق النّعمانيّة»، فقال: حسن چلبى بن محمد شاه الفنرىّ، كان ممّن جمع بين وظيفتى العلم والعمل، وكان يلبس الثّياب الخشنة، ولا يركب دابّة، ويحبّ المساكين، ويعاشر الفقراء، ويلبس العباءة، ويسكن فى بعض الحجر بمدرسته.

وولى تدريس الحلبيّة بأدرنة، ثم أستأذن السّلطان محمدا فى التّوجّه إلى الدّيار المصريّة، لقراءة كتاب «مغنى اللّبيب»، لابن هشام، على بعض المغاربة هناك، فأذن لكن لا عن رضاء تامّ، بل نسبه إلى خفّة العقل، حيث يترك التدريس ويتوجّه للقراءة على الغير، فلمّا دخل مصر كتب «المغنى» بتمامه، وقرأه على المغربىّ المذكور، وأجاز له بعض تلامذة ابن حجر، وقرأ عليه «صحيح البخارىّ».

ثم حجّ، وعاد إلى الدّيار الرّوميّة، وأرسل كتاب «مغنى اللبيب» إلى السلطان محمد، فلمّا نظر فيه أعجبه، وزال ما عنده من التّكدّر، وأعطاه مدرسة إزنيق، ثم إحدى المدارس الثّمان، وأقام بها يلقى الدروس، ويسرّ بفوائده النّفوس، ملازما للتّواضع وخفض الجانب، متلقّيا ما يجئ من عند الله بالقبول، راغبا فى ثواب الآخرة، معرضا عن الدنيا بكلّيّته.

حكى عنه بعض أصحابه (٣) أنّه قال: دخلت عليه يوما، فوجدته يبكى بكاء شديدا، فسألته عن سبب بكائه، فقال: خطر ببالى أنّه لم يحصل لى ضرر دنيوىّ منذ ثلاثة أشهر، وقد سمعت من الثّقات أنّ الضّرر إذا توجّه إلى الآخرة تولّى عن الدنيا، فلذلك بكيت.

قال: فبينا نحن (٤) فى الكلام إذ دخل عليه أحد غلمانه وهو مضطرب المزاج، فقال له:

ما الخبر؟ فقال: سقطت البغلة من تحتى فماتت. فحمد الله تعالى وشكره، وأعتق الغلام من ساعته.


(١) فى ط، ن بعد هذا زيادة على ما فى س والضوء: «عليه».
(٢) فى س: «فضيلته». والمثبت فى: ط، ن، والضوء.
(٣) هو المولى محيى الدين الشهير بسيدى جلبى، وكان معيدا له. انظر الشقائق ١/ ٢٨٩.
(٤) فى ن زيادة: «كذلك»، وفى الشقائق: «وبينا نحن فى هذا الكلام»