للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان رجلا فاضلا، صالحا، تقيّا (١)، مشتغلا بنفسه، منقطعا عن الخلق، معملا سائر أوقاته فى العلم والعمل.

وكان سليم الطّبع، ساذجا، تغلب عليه الغفلة، وكان للسلطان محمد فيه اعتقاد كثير بسبب ذلك.

وممّا يحكى عنه من (٢) الغفلة، بل (٢) التّغفّل الزّائد، والله أعلم بصحّته، أنّ السلطان محمدا أعطاه تدريس إحدى المدارس الثّمان، فكان إذا توجّه إلى المدرسة لا يتوجّه إلاّ ومعه من يدلّه على المدرسة، لاشتباه المدارس عليه، وعدم تمييز بعضها عن بعض، فاتّفق أنّه جاء مرّة إلى المدرسة وليس معه أحد يدلّه، فدخل إلى مدرسة غير مدرسته، ووجد طلبة مدرّسها جالسين، ومكان المدرّس ليس فيه أحد، لأنّه كان قد قام لقضاء حاجته، فهمّ بالجلوس مكانه، فلمّا نظر إلى الطلبة وتأمّلهم عرف أنّ المدرسة ليست بمدرسته، ورجع، وضحك من هناك من تغفّله.

وممّا يحكى عنه من الفطنة فى أجوبة المسائل العلميّة، أنّ السلطان محمدا خرج مرّة إلى بعض الغزوات، وخرج معه العلماء والفضلاء والمدرّسون يشيّعونه، ومن جملتهم صاحب التّرجمة، والطّبول تضرب خلفه، فسأل بعض من هناك من الأفاضل عن معنى قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ (٣) ما الحكمة فى أمر المؤمنين بالإيمان؟ فقال السلطان محمد للمولى حسام الدّين: أجب عن هذا السّؤال. فقال: هذه الطّبول تجيب عنه.

فقال السلطان: كيف ذلك. فقال: إنّ حكاية صوتها دم دم، والمراد بقوله تعالى: ﴿آمَنُوا﴾ دوموا على الإيمان. فأعجب السّلطان كلامه هذا، واستحسنه جدّا.

وكان كثير الكتب، يشتريها بكلّ ما يفضل عن قوته، ويصرف أوقاته فى مطالعتها.

وكان السلطان محمد (٤) إذا توجّه (٤) إلى زيارة أبى أيّوب الأنصارىّ يمرّ بباب داره، فيخرج إليه، ويسلّم عليه، ويخرج له شربة ماء، فيشرب منها، ويسير، وكان يحسن إليه كثيرا.

***


(١) تكملة من: س، والشقائق.
(٢ - ٢) تكملة من: س.
(٣) سورة النساء ١٣٦.
(٤ - ٤) تكملة من: س، وفى الشقائق ما يعضده.