للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان داود ممّن شغل نفسه بالعلم، ودرس الفقه وغيره من العلوم، ثم اختار بعد ذلك العزلة والانفراد والخلوة، ولزم العبادة، واجتهد فيها إلى آخر عمره.

وقدم بغداد فى أيّام المهدىّ، ثم عاد إلى الكوفة، وبها كانت وفاته.

قال ابن عيينة فى حقّه: كان داود الطّائىّ ممّن علم وفقه.

قال: وكان يختلف إلى أبى حنيفة، حتى نفذ فى ذلك الكلام.

قال: فأخذ حصاة فحذف بها إنسانا، فقال له: يا أبا سليمان، طال لسانك، وطالت يدك!!

قال: فاختلف بعد ذلك سنة لا يسأل ولا يجيب، فلمّا علم أنه يصبر، عمد إلى كتبه فغرّقها فى الفرات، ثم أقبل على العبادة وتخلّى.

قال الوليد بن عقبة الشّيبانىّ: لم يكن فى حلقة أبى حنيفة أرفع (١) صوتا من (١) داود الطّائىّ، ثم إنه تزهّد، واعتزلهم، وأقبل على العبادة.

قال عطاء: كان (٢) لداود الطّائىّ ثلاثمائة درهم، فعاش بها عشرين سنة ينفقها على نفسه.

قال: وكنّا ندخل عليه فلم يكن فى بيته إلاّ باريّة (٣)، ولبنة يضع عليها رأسه، وإجّانة (٤) فيها خبز، ومطهرة يتوضّأ منها، ومنها يشرب.

وقال أبو سليمان الدّارانىّ: ورث داود الطائىّ من أمّه دارا، فكان ينتقل فى بيوت الدّار، كلّما خرب بيت من الدّار انتقل منه إلى آخر ولم يعمّره، حتى أتى على عامّة بيوت الدار.

قال: وورث من أبيه دنانير، فكان يتقوتها حتى كفّن بآخرها.


(١ - ١) فى م: «من صوت»، والمثبت فى: ط، وفى أخبار أبى حنيفة وأصحابه للصيمرى ١٠٩.
(٢) سقط من: ط، وهو فى: ن، وتاريخ بغداد ٨/ ٣٤٨.
(٣) البارية: الحصير المنسوج.
(٤) الإجانة: إناء يغسل فيه الثياب.