للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَرْحَباً بِكَ يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى، وَجَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي سَاجَةٍ (١) مُلْتَحِفاً بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفُهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بِيَدِهِ (٢) فَعَقَدَ تِسْعاً، فَقَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - * كَيْفَ أَصْنَعُ؟ ، قَالَ: «اغْتَسِلِى وَاسْتَثْفِرِى بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِى». فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَخَلْفَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يُنْزَلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ». فَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَيْئاً، وَلَبَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلْبِيَتَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ.

قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَاّ الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ* اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثاً، وَمَشَى أَرْبَعاً، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٣) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ - وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَمْ لَا - قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا أَتَى الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٤) «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِىَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا


(١) هي الثوب من الطيلسان، ويقال: نساجة: ملحفة منسوجة، سميت به من قبل تسمية الشيء بالمصدر.
(٢) أي أشار بها موافقا.
* ت ١٥٠/ب.
* ك ١٩٠/أ.
(٣) من الآية (١٢٥) من سورة البقرة.
(٤) من الآية (١٥٨) من سورة البقرة.
* ت ١٥١/أ.
* ك ١٩٠ /ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>