(٢) المراد إخبار الناس بقصص ما مضى ليعتبروا، ويدخل فيه الوعظ والفتيا، فالقاص حتما يعرض له شيء من هذه الأمور، فلا يجوز ذلك إلا لأمير - عالم بالكتاب والسنة - يعظ الناس ويخبرهم بقصص الأمم ليعتبروا، أو يأمرهم بمعروف أو ينهاهم عن منكر، أو يفتيهم فيما يعرض لهم من أمور الدنيا والآخرة، ويجوز ذلك لمن أمره الأمير من أهل العلم أن يقوم بذلك، وليس المنع على الإطلاق، بل هو مقيد بالسياسة الشرعية العامة للمسلمين، حتى لا تتضارب الآراء ويتعدد الإفتاء، فيقع العامة في بلاء وحيرة، كما هو حال المسلمين اليوم، في تعدد المرجعيات، وكثر الاختلاف بسبب ذلك، وكثرة من يفتي بغير علم، ويبقى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على بصيرة لكل أحد من المسلمين بقيد الحديث الشريف " من رأى منكم منكرا " أما قوله في حديث الباب: أو مراء، وفي روية " متكلف " وفي رواية " مختال " فالمراد به من يتجاوز الحاكم الشرعي، ويفتات على من كلف بالأمر، فذاك إما مراء مختال، يحب الشهرة والظهور، ولا سيما في عصرنا هذا، إذ لا حصر للإغراءات من فضائيات وغيرها، وإما أن يكون متكلفا ما لا يعنيه على حد قول عمر بن الخطاب في هذا الصدد لعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: " ولّ حارها من تولّى قارها "، يعني الفتيا، علما بأن ابن مسعود - رضي الله عنه - لم يكن متكلفا، وما قال إلا ما يعنيه من الفتيا باعتبار ما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن عمر - رضي الله عنه - أراد منه أن لا يفتات على حق السلطان، قال حذيفة - رضي الله عنه -: إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل عَلِم ناسخ القرآن من منسوخه، قالوا: ومن ذاك؟ ، قال: عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال: وأمير لا يجد بدا، أو أحمق متكلف. قال المصنف: عقب رواية هذا: فلست بواحد من هذين، وأرجو أن لا أكون من الثالث، أنظر: (حديث ١٧٨). (٣) فيه عبد الله بن عامر ضعيف، وقد توبع على هذا، وأخرجه ابن ماجه حديث (٣٧٥٣) وصححه الألباني.