للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قبض العلم]

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم) معنى: (يقبض العلم) أي: أن الله سبحانه وتعالى يميت العلماء الصالحين، فيكون العالم الملتزم الذي لا يخاف في الله لومة لائم بضاعة نادرة، فلا يبقى إلا علماء السلطة في كل مكان.

ولما مات الملك فؤاد كان عمر ابنه فاروق ست عشرة سنة ونصف سنة، وكان دستور المملكة المصرية أيامها أن الملك لا يصعد للملك إلا عندما يكون عمره ثماني عشرة سنة، فكيف العمل بالملك فاروق؟ أتوا بثلاثة أو أربعة من الأزهريين، ولا أغتاب العلماء، فهؤلاء أساتذتي وعلمائي وتعلمنا على أيديهم، وهذا المعهد له فضل على الآلاف المؤلفة بل الملايين على مر الزمن، اللهم أعده إلى ما كان عليه من الحق يا رب العالمين.

إذاً: فأتوا بعلماء من الذين يريدونهم، من أصحاب القوانين، فقالوا: كيف نجعل عمر فاروق ثماني عشرة سنة؟ فقالوا: نحسب سنه بالشهور الهجرية، والشيطان ينفث في روع أهل الفتاوى الباطلة فأوصلوا عمره إلى ثماني عشرة سنة، فصدر المرسوم بأنه الملك، فقللوا المدة، وهو لم يكمل ثماني عشرة سنة كاملة، ولكن ضيقوا المدة جداً، وبعدما تولى رجعوا سنه حقيقة مرة ثانية، سبحان الله! فهذا من انتزاع العلم، فليست العبرة بكميته، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يميت العلماء الصالحين، الأول فالأول، فلا يبقى في الناس إلا جهال) الحديث سماهم جهلة رغم علمهم؛ لأنهم يفتون الناس فيَضلون ويُضلون والعياذ بالله، والمصيبة أنه يقول لك: حطها في رقبتي! ولماذا تحمل رقبتك؟! وما عساها أن تحمل رقبتك؟ فلا تجعل في رقبتك إلا شيئاً تعرفه، والله اعلم.

بينما كان سيدنا عمر رضي الله عنه يمشي وجد امرأة حاملاً، فلقيت أمامها أمير المؤمنين فجأة، والمفاجأة التي حصلت لها أنها لما وصلت البيت أسقطت الذي في بطنها، فأشتكى زوجها لأمير المؤمنين، جئت أشكو إليك منك، فماذا حدث؟ قال له الرجل: لقد رأتك زوجتي على حين غرة فخافت منك، وأنت رجل مهيب، فسقط ما في بطنها.

فخاف سيدنا عمر، فصعد المنبر وقال: أيها الناس! بينما أنا سائر في الطريق إذ التقيت بامرأة فجأة، فسقط ما في بطنها أعلي شيء؟ قالوا: لا يا أمير المؤمنين! فقال سيدنا علي: يا أمير المؤمنين! إن كانوا قد نصحوك فقد غشوك، ويوم القيامة لن ينفعوك، عليك غرة، يعني: عليك دية؛ لأن هذا قتل خطأ.

ومثال قتل الخطأ: أن يمشي أحد ببندقية ولقي عصفوراً على الشجرة، فرمى العصفور، ونفذت الرصاصة من الشجرة إلى بلكونة فقتلت إنساناً، فهذا قتل خطأ، ونقول للقاتل: عليك مائة ألف جنية، وهي عدل مائة ناقة؛ لأن الناقة بألف جنية؛ لذلك أحذر الذين يعملون عملية إجهاض، فلينظروا كم مرة قتلوا ثم ليضربوا في مائة ألف!