للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يوم السؤال]

ويسمى يوم القيامة بيوم السؤال، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨ - ٩].

ولا بد أن نتكلم عن مسألة الإجهاض، كثير من الناس يظن أنه في أربعة أشهر من حمل المرأة يجوز أن تنزل المرأة ما في بطنها، وهذا افتراء على الله عز وجل، إذ إن الجنين صارت تدب فيه الحياة منذ اليوم الأول، يعني: باجتماع الحيوان المنوي مع البويضة صار هناك ما يسمى بالزيجوت وهي عبارة عن البنية الأساسية والخلية الأولى لتكون الجنين؛ لأن الولد بعد تسعة أشهر أتى من اللحظة الأولى من اجتماع البويضة في المرأة مع الحيوان المنوي في الرجل.

إذاً: من أجهضت ما في بطنها لسبب قوي جداً، لا قبل أن يخبرها طبيب مسلم مؤمن فاهم حاذق وقال: إن الحمل إذا اكتمل فإنه ستموت المرأة فهنا جاز الإجهاض، ولي أيضاً تحفظ على مسألة التشوه، فقد عرفوا في هذا الوقت بالعلم الحديث أن الولد قد يخرج مشوهاً نتيجة للتلوث الذي نعيش فيه، ونتيجة تدخين الأمهات، أو جلوس الأمهات الحوامل في مكاتب فيها مدخنون، فإن هذا كله يصيب الأولاد بالتشوهات المعينة في بطون أمهاتهم، فلو أننا فرضنا جدلاً أن إنساناً منا رزق بابن مشلول كفيف لا يتكلم ولا يسمع، أي: كل حواسه معطلة وأصبح عمره خمس سنين وذهب به إلى الطبيب، فقال الطبيب: هذه الحالة لا نستطيع أن نرجعها، والسمع هذا لا نستطيع أن نرجعه، والشلل هذا لا نستطيع أن نعمل فيه شيئاً، فهل تستطيع الأم أن تقول: إذاً: يا طبيب اقتله؟! فمسألة قول الطبيب: إن هذا الولد سيخرج مشوهاً، هذا قدر الله عز وجل، فإن الله يبتليك بولد كفيف أو مشلول، أو بولد تفكيره ضعيف، أو يبتليك بولد لا يتكلم، فهذا اختبار من الله لك ولا اعتراض على قدر الله، فإذا تجرأت وقلت: الطبيب قال هكذا! فنحن سنجهضه، فإني أقول لك: لا، اذهب واستفت عالماً آخر؛ لأن هذا رأيي ورأي الإخوة العلماء في رابطة العالم الإسلامي، ونحن مجمعون على هذا الرأي بفضل الله عز وجل ونفتي به في أي مكان في العالم.

فلا يجوز الإجهاض إلا إذا كان هناك هلاك محقق للأم، أما غير ذلك فلا يجوز، فقد تكون المرأة لديها أربعة أولاد، فأمرها زوجها أن تجهض الخامس فأجهضته، فتراهما يدعيان الغباء ويقولان: عندنا أربعة أولاد، وفي بيتنا غرفتان وصالة فأين نضع الخامس؟! أليس الله يقول: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:٤٧] فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيوسع عليك، فهو الذي يعلم السر وأخفى.

رب العباد إذا وهب لا تسألنّ عن السبب ولا تقل: أنا موظف ومرتبي ثمانون جنيهاً وعندي ثلاثة أولاد، فلو رزقت الرابع عجزت عن كفايتهم فيا عجباً! هل أنت الذي ترزق ابنك؟ لا، هذا كفر وشرك بالله عز وجل، قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء:٣١].

إذاً: قتل الجنين يلزم قاتله الدية؛ لأنه قتل مسلماً بغير حق، فإن كان المقتول ولداً فعلى الأب والأم مائة ألف جنيه، فإن كان المقتول بنتاً فعلى الأب والأم خمسين ألف جنيه؛ لأن دية المسلم مائة ناقة، فإن لم يكن لدى الأبوين مقدرة على دفع الدية، فيصوم الأب وتصوم الأم شهرين متتابعين هذا هو الحل.

فإني أقول لأب الطفل: أنت أخذت الأمانة وأنت وذاك، إن كنت أجهضت الجنين فإما أن تصوم ستين يوماً متتابعة، أو تخرج الكفارة؛ لأنك قتلت، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨ - ٩] ستحضرك الملائكة وتسألك: لماذا قتلت ابنك؟ قال بعض أهل العلم: لو أسقطت المرأة ما في بطنها! فإنه إجهاض طبيعي، وحجتهم أنها تنط وتجري لكي يسقط الذي في بطنها، وهذا خطأ مخالف للشريعة، فترى المرأة تسقط جنينها، فيقول أبوه: لا بد ن أن أسميه اسماً طيباً حتى لا يتعلق برقبتي يوم القيامة ولا يدخلني الجنة.

نقول: إن الحقوق في الإسلام كثيرة، فانظر كم من الأنفس ستتعلق برقابنا يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>