[خروج يأجوج ومأجوج]
قال تعالى في يأجوج ومأجوج: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء:٩٦ - ٩٧].
وأيضاً: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف:٩٤ - ٩٥] إلى قوله: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا * وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف:٩٨ - ١٠٠] إلى آخر سورة الكهف.
ويأجوج ومأجوج قبائل متوحشة، والواحد منهم كان ينام على أذنه ويتغطى بالأذن الثانية، وهما قبيلتان ولا يعلم بمكانهما إلا الله.
ويأجوج ومأجوج مذكوران في القرآن والسنة ونحن نصدق القرآن والسنة، وما يقوله بعض الناس إن الأقمار الصناعية قد اكتشفت كل شيء في الأرض فأين يأجوج ومأجوج؟ فلا يلتفت إليه فنحن لا نصدق الأقمار الصناعية ولا غيرها.
ويأجوج ومأجوج سيعيثون فساداً في الأرض فيأتون على بحيرة طبرية وفيها قليل من الماء فيشرب أولهم فيأتي آخرهم فيقولون: (لقد كان في هذه البحيرة ماء منذ زمن طويل.
فيدعو عيسى عليه السلام ومن معه ربنا أن ينقذهم من هذا الخطر الداهم، فيصاب يأجوج ومأجوج بالنغف في رقابهم، وهي مثل الديدان والحشرات فيصبحون وهم أموات، فتأتي طيور لها أعناق كأعناق البخت -أي: الإبل- فترفع جثثهم فتلقيها في البحر ثم يقول الله للسماء: أمطري فتغسل الأرض بمطرها) يعني: أن السيول تأخذ كل البلايا المتبقية من يأجوج ومأجوج.
وروى الشيخان وأحمد والدارقطني وابن عساكر أن سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قال: (فيبعث الله يأجوج ومأجوج وهم كما قال: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} [الأنبياء:٩٦]، ويكون رأس الثور لأحدهم خير من مائة دينار لأحدكم اليوم -والذي كان عنده مائة دينار أيام الصحابة كان من أصحاب الملايين- فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى -أي: قتلى- كموت نفس واحدة، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه فلا يجدون موضع شبر من الأرض إلا وقد ملئ من زهمهم وهي رائحتهم الخبيثة الباقية، فيرغبون إلى الله في الدعاء، ويرسل الله عليهم طيراً كأعناق البخت فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله عليهم مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر إلا ويغسله الماء حتى يتركه كالزلقة.
ثم يقال للأرض: أخرجي بركتك فيومئذ يأكل العصابة)، والمراد بالعصابة هي العصابة المؤمنة، قال سيدنا الرسول في بدر: (اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض)، وليس معناها جماعة من اللصوص أو القتلة كما هو المتبادر إلى أذهان كثير من الناس اليوم.
قال صلى الله عليه وسلم: (فيومئذ يأكل العصابة من الرمانة فتشبعهم، ويستظلون بقحفها، حتى أن اللقحة من الإبل تكفي الفئام من الناس)، أي: الجماعة من الناس الذين يتجاوز عددهم المائة والمائتي رجل، والمسلم بعد أن يأكل طعاماً يقول: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيراً منه، أما إذا شرب اللبن فإنه يقول: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (واللقحة من البقر تكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم تكفي الفخذ من الناس، فبينا هم كذلك بعث الله ريحاً طيبة فتأخذ المؤمنين من تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم، ويبقى سائر الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر -يعني: تبقى الفاحشة علناً في الشوارع- وعليهم تقوم الساعة).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليهبطن عيسى ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، وليسلكن فجاجها معتمراً أو حاجاً إلى البيت، وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه).
يعني: أن سيدنا عيسى سيحج ويعتمر، ويزور قبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويسلم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهلك الله في زمانه المسيخ الدجال، ويقع الأمن على أهل الأرض حتى ترعى الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات فلا تضرهم ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويشيع العدل في الأرض، ثم يتوفى بعد أن يمكث في الأرض أربعين سنة، ويصلي عليه المسلمون عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
فاللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، واجعلنا من الذين يعيذهم الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يبعدنا وإياكم من فتن الدنيا وفتن المحيا والممات، وأن يميتنا وإياكم على الإيمان والإسلام الكاملين إن ربنا على ما يشاء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم