[الوصية بتجهيز الميت وتعجيل دفنه وغير ذلك]
أيضاً الوصية بالتجهيز وتعجيل الدفن إلا لعذر، كأن ينتظروا من يرجى فيه الخير والصلاح للصلاة عليه، فأحياناً تجد من يوصي أن فلاناً يصلي عليه، ففي هذه الحالة يباح أن يتأخر بالجنازة قليلاً، لكن أن ننتظر ابنها الذي في الجزائر أو في الكويت أو في لندن من أجل أن يأتي بالطائرة غداً، لا، فهذا لا يصح، لكن إن كان في داخل القطار وسيأتي في عدة ساعات يسيرة فممكن، وغير كذا يكون إكرام الميت أن نعجل بدفنه.
أن يمنع القيم عليه الورثة من إخوانه وامرأته وأبنائه من رفع الصوت بالنياحة والندب ولطم الخدود وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية، والدعاء بدعوى الجاهلية كان تقول المرأة: يا سبعي يا جملي، لمن تتركنا؟ هذا من دعوى الجاهلية، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية).
يعني: خرج من الملة والعياذ بالله.
وأيضاً المسارعة بقضاء ما علي من الدين، يوصي بذلك؛ لأن أهم شيء يخرج من التركة الدين، فلو كان على أبيك دين فسارع بقضائه؛ لأنه يظل محبوساً في قبره إلى أن يسدد عنه الدين.
وأيضاً يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض، والمرأة في خمسة، الثلاثة الأثواب هي الأول: القميص يكون للميت إلى نصفه، والثاني: يكون من حقويه إلى تحت الرجلين، والثوب الثالث: نلف به الجسم كله.
ويوصي بألا يكفن بثوب من حرير أو ثوب غال؛ لأن كثيراً من الناس يأتون بثوب غال جداً ويكفنون به الميت، وبعدما ينزل في القبر ينزل واحد بموس أو سكينة ويمزق الثوب؛ من أجل ألا يسرقه الذين ينبشون القبور، فمثل هذا الصنيع يغضب الميت، وحرام أن يدفن الميت في ثوب غالي الثمن.
والحمد لله أن الناس قد عرفوا وفهموا وأدركوا هذه الحقيقة.
ويوصي بمنع خروج النساء إلى المقابر مطلقاً سواء مع الجنازة أو في الأعياد أو في الجمع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) فأمك لو قالت لك: أريد أن أزور قبر أبيك حتى لا يغصب علي، فقل لها: لن يغضب عليك، وأنت لو قعدت في بيتك هذا خير، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ فاطمة: (يا فاطمة أين كنت؟ قالت: كنت أعزي في بني فلان، فقال لها: لعلك بلغت معهم الكدى؟ قالت: لا يا أبت كيف وقد نهيت؟ قال: لو ذهبت معهم إلى الكدى لما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك).
أيضاً يستحب السكوت عند تشييع الجنازة، فقد جاء في الحديث: (إن الله يحب الصمت عند ثلاثة: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة).
فلم يقرءون القرآن عند الجنازة مع أنه يستحب الصمت عندها؟! وأيضاً يسرع بالجنازة، فقد قال سيدنا عمر رضي الله عنه: إذا حملتم جنازتي فأسرعوا وعجلوا بها، فإن كان خيراً فقد قدمتموني إليه، وإن كان غير ذلك فشر تطرحونه من فوق أعناقكم.
ولذلك الميت المؤمن إذا حمل على الأعناق يقول: أسرعوا أسرعوا، لو رأيتم ما أرى ورأيتم ما ينتظرني لأسرعتم بجنازتي، وأما الميت العاصي والكافر فيقول: يا ويلي يا ويلي علام تسرعون؟ لو رأيتم ما أرى لأبطأتم بجنازتي.
كذلك جاء في الحديث: (ما من ميت يصلي عليه أربعون لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه يوم القيامة).
وإذا كثر عدد المصلين على الميت كان دليلاً على أن الله سبحانه وتعالى يكرم هذا الميت.
وأيضاً يوصي ويقول: من يضعني في قبري يقول: باسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد الدفن يقف المشيعون عند قبري ساعة.
وأما الناس الذين يجلسون على القبور فحرام فعلهم ذلك، لا تجلس على القبر؛ لأن تجلس على جمرة فتحرق ثوبك خير لك من أن تجلس على قبر ميت، والدولة مسئولة أمام الله عن ساكني القبور.
وإذا رأيتم الرجل يأكل أو يشرب أو يتكلم في أمور الدنيا، أو يضحك عند القبور فاعلموا أنه مطموس البصيرة، بعيد عن رب العباد سبحانه.
إذاً: يجلس المشيعون بعدما يدفن الميت ساعة، يستأنس الميت بهذا الجلوس والاستغفار والتثبيت عند السؤال.