للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أعظم عذاب أهل النار وأعظم نعيم أهل الجنة]

آخر جزء توقفنا عنده في الدرس الماضي هو أصعب عقاب وعذاب لأهل النار في النار، وهو الحجاب عن رؤية وجه رب الأرباب، وقلنا: إن الله سبحانه وتعالى لو تجلى بجمال وجهه على أهل النار لنسوا العذاب الذي هم فيه، ولو منع الله جمال وجهه عن أهل الجنة لما راقت لهم الحياة لحظة في الجنة، فالنعيم كل النعيم في مشاهدة وجه الله الكريم، والعذاب كل العذاب في الحجاب عن وجه رب الأرب.

اللهم لا تحجبنا عن النظر إليك يا رب العالمين، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣] اللهم اجعلنا منهم.

جاء في الحديث: (تقول الملائكة: ليسع كل قوم إلى ما كانوا يعبدون) أي: كل جماعة تلحق بالمعبود الذي كانت تعبده، فأصحاب بوذا يتبعون بوذا، والهندوس يتبعون البقرة، وأتباع عيسى يتبعون الشيطان الذي يتمثل في صورة عيسى؛ لأن عيسى بريء منهم، فقد قال: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:١١٧ - ١١٨] فسيدنا عيسى لم يقل: إنك أنت الغفور الرحيم؛ لأن المقام ليس مقام سماح، وإنما هو مقام اعتذار، كأنه يقول: عززت في عليائك يا رب، فلتحكم عليهم بما تشاء.

إذاً: كل جماعة يذهبون إلى إلههم، فيبقى المسلمون الموحدون فيقال لهم: ماذا تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا، وماذا تريدون؟ نريد أن نراه، وهل رأيتموه من قبل؟ قالوا: لا، قالوا: هل بينكم وبين ربكم آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق فلا يبقى أحد كان يسجد طائعاً في الدنيا إلا أذن له في السجود.

فهؤلاء هم الذين قالوا: لا إله إلا الله بحق، ليس من يقول: لا إله إلا الله وينصب على الناس، ويتجبر على الناس، ويكذب على الناس، ويسرق، ويرتكب الفواحش، ثم لا يتوب.

اللهم فاجعلنا من التوابين، واجعلنا من المتطهرين، واجعلنا من عبادك الصالحين يا رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>