الحكومات في الدول المتخلفة تشغل الناس بأمر الرزق، فينشغلون به عن أمر الإسلام، ولك في نملة سليمان الأسوة، وأنا أكررها كثيراً من أجل مسألة العقيدة.
ونملة سليمان في قصتها عبرة، فقد قال لها: يا نملة سمعناك تحذرين إخوتك وتأمرينهم بالدخول في الجحور؟ وذلك في قوله تعالى:{ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[النمل:١٨] فالنملة: تلتمس العذر لسيدنا سليمان، أنه إن مشى عليها فهو من غير قصد، وهذا من الأدب الذي ينبغي أن يتحلى الناس به، فلا حقد فيها عليه، بل قالت:{وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[النمل:١٨] يعني: هم سيدوسون عليكم غير منتبهين لكم.
ثم قال لها نبي الله: لماذا تقولين للنمل: ادخلوا مساكنكم؟ قالت: يا نبي الله! خشيت أن يرى النمل عظمتك وعظمة جيشك فتشغل النمل لحظة عن ذكر الله.
تخاف النملة أن ينسى النمل ذكر الله لحظة.
أعجب سيدنا سليمان بها جداً وقال لها: تعالي إذاً يا رئيسة النمل، وسليمان كما قال الله عنه:{عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ}[النمل:١٦] أي: يكلم الحشرات ويسمعها، ويحكى أن عصفوراً رآه سيدنا سليمان وهو يغازل عصفورة، وقال لها: لو أردت لحملت لك عرش سليمان بمنقاري، قالت: نعم، فضحك سليمان عليه السلام وقال: كم يزين العشق للعاشقين كلاماً.
ثم قال سليمان للنملة: تعالي يا نملة، كم يكفيكِ من الطعام في العام؟ فقالت: يا نبي الله! حبتان من القمح، فتعجب سليمان عليه السلام من ذلك، فأعطاها حبتين من قمح في قارورة، فرجع لها بعد سنة، قالت: يا نبي الله! عندما كان رزقي على الله كنت أعلم أنه لن ينساني، فكنت آكل الحبتين، وعندما صار رزقي محصوراً بين يدي مخلوق قد ينسى فكنت أصوم يوماً وأفطر يوماً، فأكلت حبة وأبقيت الأخرى.
إذاً: فمن كان رزقه على الله فلماذا يحزن، ما الذي يحزنه؟ وقد كتب ربنا لك الرزق وأنت في بطن أمك، فلا تشغل بالك بالرزق، ولكن اشغله بطاعة الله، وفي الحديث القدسي:(من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين).
هذا وبالله التوفيق حديثنا عن أمر الشفاعة والحلقة القادمة إن كنا من أهل الدنيا إن شاء الله سوف تكون عن الصراط.
اللهم ثبت أقدامنا على الصراط يوم القيامة، جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم، والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.