للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أسماء الجنة جنة المأوى وجنات عدن]

من أسماء الجنة: جنة المأوى، يقال: أوى الإنسان إلى المكان أي: انضم إليه.

ومن أسمائها كذلك جنات عدن، يقال: عدن الإنسان في المكان يعني: أقام، وكان العربي يقول: عدنت الإبل في مكان كذا، يعني: وقفت في مكان كذا، فاللغة العربية عجيبة فالعربي يقول: صامت الشمس في كبد السماء، وصامت الإبل يعني: توقفت، وصام الإنسان أي: توقف عن الطعام والشراب والمعاشرة، ومثلها جنات عدن، يقال: عدن الإنسان من مقامه أي: أقام فيه ولم يسافر ولم يتركه، قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ} [مريم:٦١] أي: في الدنيا، إذ الجنة في الدنيا بالنسبة لك غيب، ولذلك قال الله تعالى في أول البقرة: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:٣].

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: والله لو كُشف الحجاب بيني وبين الله لما ازددت من الله قرباً.

يروى أن سيدنا سعداً رضي الله عنه مر على سيدنا عثمان بن عفان، فقال له: السلام عليك يا عثمان! لكن عثمان لم يرد، فعاد فقال: السلام عليك يا عثمان! فلم يرد، وكرر سعد السلام مرة ثالثة فلم يرد عثمان، فمشى سعد متضايقاً واشتكى إلى رسول الله ما حصل من عثمان، قال: يا رسول الله! مررت بـ عثمان فسلمت عليه ثلاث مرات فلم يرد السلام! فلما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان عن ذلك، قال: يا رسول الله! ما سلّم عليّ.

قال سعد: يا رسول الله! سلّمت عليه ثلاثاً.

قال عثمان: والله ما سمعت.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا سعد! أنت صادق ويا عثمان! أنت صادق) فتعجب الصحابة رضوان الله عليهم، كيف يكون كلاهما على صواب والأمران متضاربان، وأحدهما يحلف بالله أنه سلّم والثاني يحلف بالله أنه لم يسمع؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن سعداً سلمَّ على عثمان، لكن عثمان لم يسمع؛ لأنه كان منشغلاً مع الله سبحانه، إذ كان يسبح الله ويذكره ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يُذكر أن علياً رضي الله عنهما كان ماشياً فرأى أبا بكر آتياً فلم يسلم عليه، فذهب أبو بكر يشكو علياً للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لِم لم تُسلّم على أبي بكر يا علي؟ قال: رأيت الليلة كأني أسير أنا وأبو بكر وعلى يميني قصر في الجنة، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقيل: لمن يبدأ صاحبه بالسلام، فسكت كي يبدأ أبو بكر بالسلام فيكون القصر له.

وهذا الحديث في متنه وسنده ضعف، لكن يقال في فضائل الأعمال.

وقد كان علي رضي الله عنه يعمل بأجرة عند امرأة يهودية ينزح لها ماء من بئر ويسقي لها أرضها، فأعطته ستة دراهم، فمر مسكين على علي رضي الله عنه فقال: أعطني مما أعطاك الله فأدخل علي رضي الله عنه يده في جيبه وأعطاه الستة دراهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>