وهذه سورة الواقعة كلها تتحدث عن الدارة الآخرة قال تعالى:{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ}[الواقعة:١ - ٣] أي: خافضة لأهل الكبر، ورافعة لأهل التواضع، خافضة لأهل الفسق، ورافعة لأهل الإيمان، خافضة لأهل الانحراف، ورافعة لأهل الاستقامة.
ثم بعد ذلك قال:{إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا}[الواقعة:٤] ها هي مشاهد يوم القيامة! {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا} الأرض ترج كما ترج زجاجة الدواء قبل أن تستخدمه، يقول لك: رج الزجاجة رجاً جيداً، هذا هو المعنى، الأرض ترتج بما فيها وما عليها! قال تعالى:{إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[الزلزلة:١] فهو زلزال حقيقي! قال تعالى: {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا}[الواقعة:٤ - ٥] البسيس: هو الدقيق مع قليل من الماء أو التراب مع الرمل يسميه العرب بسة، إذاً: هذه الجبال تكون كالتراب الذي وضع عليه كأس من الماء، فكيف يكون الشكل؟! قال تعالى:{فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}[الواقعة:٦](هباء) أي: متناثراً! {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}[الواقعة:٧] قسمنا ربنا في سورة الواقعة إلى ثلاثة أقسام قال تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}[الواقعة:٨] اللهم اجعلنا منهم يا رب! {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:٩] والعياذ بالله! {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:١٠ - ١٤].
إذاً: الأقسام ثلاثة: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، والسابقون.
سيدنا الحسن البصري رحمه الله ربيب أم سلمة عندما كان يقرأ:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:١٠] يقول: يا رب! لقد ذهب السابقون فاجعلنا من أهل اليمين.
أي يقول: إن السابقين قد ذهبوا مع سيدنا رسول الله، ومنهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو ذر وخالد وأبو عبيدة وعمار وبلال كل هؤلاء هم السابقون.
وأصحاب الميمنة هم: كل إنسان يذنب فيتوب، ويواظب على توبته، فهو من أصحاب الميمنة يقول صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بأناس يخطئون، فيستغفرون فيغفر الله لهم)، فكيف وهو الغفور الرحيم؟! إذاً: لابد أن يخطئ العبد منا، لكن المهم أن خير الخطائين التوابون.
قال تعالى:{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:٨ - ٩] وهم أهل النار.