للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محاسبة النفس في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

كذلك من ثمرات الدار الآخرة: مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل أنت تأمر امرأتك وتنهاها؟ وهل أنت تأمر عيالك وتنهاهم؟ وهل أنت تأمر أصحابك وتنهاهم؟ اشتر لك دفتراً وحاسب نفسك كل يوم قبل أن تنام وتسجل فيه كل ما عملت من سيئات كتابة، كم نظرت إلى الحرام! وكم نممت من أناس! وكم نميت مرات! وكم كذبت من مرات وهكذا! وتنوي نية صادقة أنه إذا أصبح الصباح عليك فلن تعود لمثل هذا أبداً، وهذه أمانة أعلقها في رقابكم جميعاً رجالاً ونساءً، شباباً وشيبة، عل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

الناس يظنون أنهم بمنأى من عذاب الله، وهذا غير صحيح، فمن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فهذا: سلمان الفارسي سيكون من أول الداخلين إلى الجنة إن شاء الله، وأبو لهب عم رسول الله لن يدخل الجنة، فالقضية ليست قضية نسب ولا قرابة، لا تغتر بصحبة الصالحين أبداً، وليس أنني إذا مشيت مع رجل صالح أو عالم فاضل، عامل بعلمه فقد حويت العلم والتقوى.

لا تغتر بصحبة الصالحين؛ لأن عبد الله بن أبي ابن سلول صلى وراء الرسول وهو من أهل الدرك الأسفل في النار والعياذ بالله! فقد صلى وراء الرسول تسع سنوات لا تفوته صلاة، ورغم ذلك ما نفعته صلاته خلف رسول الله هو والسبعة عشر منافق في المدينة! إذاً: فلا تغتر بصحبة الصالحين، ولا تغتر بعمل الطاعات، فربما فتح لك باب العمل وأغلق عنك باب القبول لحكمة يعلمها الله، لاحتمال عجب أو رياء؛ لأن العمل من أجل الدنيا رياء، والعمل من أجل الناس شرك، وإن اليسير من الرياء شرك، فلو صليت في بيتك ودخل ضيف وأنت في الصلاة، وابنك فتح للضيف وقال: تفضل يا عم حتى ينتهي أبي من الصلاة، فقلت في نفسك: الرجل يراني في المسجد دائماً أصلي بهدوء، لابد أن أتمهل في صلاتي هنا كذلك ولا أسرع، فهذا شرك بالله سبحانه، إن اليسير من الرياء شرك؛ لأن المسألة خطيرة، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من شرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>