للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان عظمة الله عز وجل]

والله ينادي خلقه يوم القيامة بنداء يسمعه القاصي كما يسمعه الداني، ويسمعه البعيد مثل القريب، فيسمع نفس الصوت، لأن صوت الله عز وجل الصادر من الله جل في علاه، لا يرتفع باقترابك منه، ولا ينخفض بابتعادك عنه؛ لأن هذا قانون الزمان والمكان، وهو لا يحكم من خلق الزمان والمكان.

ولما سئل الكليم وقالوا له: أن ربنا هو الذي يكلمك بقوله: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه:١٢]؟ فقال: عرفت من شيء واحد، وهو أني كلما اقتربت أو ابتعدت ما ازداد الصوت ولا نقص.

والحسن البصري رحمه الله يقول في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥]، وقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:١٠]، وقوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:٣٩]، وأحاديث الصفات مثل قوله: (حتى يضع الرحمن فيها أصبعه، فتقول: قط قط، بعزتك قد امتلأت، وينزوي النار بعضها إلى بعض)؛ خشية من غضب الجبار سبحانه: سبحان الذي استوى على العرش، بالطريقة التي قال، وعلى الوجه الذي أراد، لا العرش يحمله ولا الكرسي، بل العرش وعظمته والكرسي وحملته كل محمول بقدرته وفي قبضته.

فلا يحاط به ولا يحده زمان ولا مكان، فهو قبل خلق الزمان والمكان، على ما كان كيف كان، لا يدري أحد كيف كان إلا من خلق الزمان والمكان.

وكل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك، لأن العقل والفكر والحس محدودة، ولا يدري قدرة الله عز وجل إلا القادر الحكيم سبحانه.

فلا إله إلا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>