للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دعاء الجنة والنار للمؤمنين]

قال صلى الله عليه وسلم: (من استجار من النار سبع مرات، قالت النار: إن عبدك فلاناً استجار بك مني، اللهم أجره) فالنار تؤمن على دعائك، وبالذات بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب.

(ومن سأل الله الجنة سبع مرات، قالت الجنة: إن عبدك فلاناً سألك إياي، فأدخله إياي).

وهذا سيدنا بلال رضي الله عنه كان حفظه محدوداً، وسيدنا معاذ بن جبل كان من علماء الصحابة، وهو الذي سيحمل راية العلماء يوم القيامة.

فقال بلال: (يا رسول الله! إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ بن جبل)، فسمى الدعاء والذكر دندنة، وليس معناه: أنك تدندن بالمجون، وإنما كانوا يدندنون بذكر الله، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨].

ذكر في زمن الصحابة أن عبد الله بن رواحة كان يمسك ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدو للناقة ويقول لها: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا هل هذا غناء؟! ويقولون لك الآن: كان يغني.

فسبحان الله العظيم! فالصحابي الجليل بلال رضي الله عنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: (لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ بن جبل).

أي: يا رسول الله! أنت عندما تلبس تدعو دعاءً، وعندما تقف أمام المرآة تدعو دعاءً، وتسجد وتدعو دعاء، وتسلم على مسافر فيدعو دعاءً وأنت تدعو دعاءً، فأنا لا أحسن كل هذا الكلام.

فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (ماذا تقول يا بلال؟! فقال: أقول: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولهما ندندن!)، أي: كل الكلام الذي نقوله حول كلامك هذا، فأنت عندما تطلب رضا الله والجنة، وتبعد عن سخطه والنار، فماذا تريد بعد ذلك؟! فعليكم بجوامع الكلم.

دخل النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم على السيدة جويرية بنت الحارث وهي جالسة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح ويجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، وبعد نصف ساعة يصلي الضحى، ويرى إن كان أحداً رأى رؤيا أو كذا، وبعد ذلك يدخل البيت، فوجد السيدة جويرية بنت الحارث عندها كوم نواة من بلح، وكانت تقول: سبحان الله، سبحان الله، وتنقل الكومة من ناحية إلى أخرى، وبعد ذلك تقول: الحمد لله، الحمد لله، وتنقل الكومة إلى الناحية الأخرى، وبعد ذلك تقول: الله أكبر، الله أكبر، وهكذا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماذا تصنعين يا أم المؤمنين! فقالت له: ما زلت بعدك يا رسول الله دائبة، فقال لها: لقد قلتُ كلمات تعدل ما قلتِ وأكثر: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته).

<<  <  ج: ص:  >  >>