للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة على أن الجنة التي كان فيها آدم ليست جنة الرضوان]

والجنة التي دخل فيها أبونا آدم ليست هي الجنة التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة، ولنا خمسة عشر دليلاً على ذلك، منها على سبيل المثال: كيف إبليس يدخل الجنة، وكيف يطرد أبونا آدم منها، وجنة الرضوان التي وعد المتقون لا يعصى الله فيها؟ فجنة الخلد التي وعد المتقون لا يدخلها الشيطان، وهذه الجنة دخلها الشيطان، وجنة الرضوان التي يدخل الله فيها عباده لا حزن فيها ولا كآبة، وأبونا آدم لما أكل من الشجرة حزن وندم، والندم هذا ألم نفسي، والجنة لا حزن فيها.

والجنة التي وعد المتقون ما هم منها بمخرجين، ولكن آدم أخرج وحواء من الجنة.

وهناك أدلة أخرى من الكتاب والسنة تدل على أن هذه الجنة التي دخلها أبونا آدم وأمنا حواء ليست جنة الرضوان، إنما هي جنة أخرى فيها جميع مقومات الحياة، من أكل وشرب، وليس فيها شغل ولا تعب ولا حاجة وهذا كما إذا جاءك ضيف ووضعت له الأكل والشرب في الثلاجة وقلت له: انظر هذا هو البوتجاز، وهذه الثلاجة، وهذا الماء، وهذه دورة المياه، وهذه الفوطة، وهذه السجادة، ثم تركته وقلت: قد عملت له كل الفروض التي يستطيع أن يقيم بها حياته.

هذه هي النقطة الأولى.

والنقطة الثانية: يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرحته بنا: (لكظيظهم على أبواب الجنة أحب إلي من شفاعتي)، والشفاعة هي فخر للرسول صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود، ورغم ذلك يقول: أنا فرحتي بزحمة أمتي على أبواب الجنة أحسن لي وأحب لي من الشفاعة؛ لأن ثمرة الشفاعة دخول الجنة، والثمرة أحسن من الفعل.

وأنت عندما تجد المساجد مزدحمة، والناس بعضهم يصلون على ظهر بعض، ومزدحمين عند الباب في الدخول وفي الخروج تفرح؛ لأن هذه صورة من صور رحمة الله سبحانه، لأنه كلما كثر العدد كثر احتمال وجود صالح، ونظرية الاحتمال أو الاحتمالات تقول: لو كثر العدد كثر احتمال وجود صالح أو صالحة يستجاب الدعاء من أجله.

وحج عطاء بن أبي رباح فلما كان في الموقف نظر إلى الناس وقال: لولا أن عطاء بينكم لقبل الله أهل الموقف، فنام عشرة من المريدين في هذه الليلة في مزدلفة فرأوا في النوم أن القيامة قد قامت، ومناد ينادي: قد قبل الله أهل الموقف في هذا اليوم من أجل عطاء بن أبي رباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>