[الوصية بطاعة الله ورسوله]
أيضاً تتمة الوصية: (وأن يطيعوا الله ورسوله -إن كانوا مؤمنين- وأوصيهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب، {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٢])، هذه أعظم وصية.
وانتبه أن تذهب وتنتمي لطريقة أو فرقة أو طائفة أو جمعية، بل أنت مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وهي طريقة واحدة وخط واحد: كتاب وسنة.
اللهم اجعلنا من أهل الكتاب والسنة يا رب العالمين.
قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة:١٣٣] فجمع أولاده حوله حين جاءه ملك الموت يقبض روحه، فقال لهم: {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} [البقرة:١٣٣]؟ لم يقل: أريد أن أؤمن مستقبلهم بالأموال لا، بل أراد أن يطمئن على العقيدة، وسيدنا زكريا لما دعا ربه قال: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم:٦] أي: يرث العقيدة والتوحيد والنبوة والاستقامة، وسيدنا زكريا لم يترك وراءه الأموال وإنما ترك التوحيد والنبوة.
{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} [البقرة:١٣٣]، فقال الأولاد: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٣]، فهذه هي وصية الأنبياء والرسل لأبنائهم.
كذلك سيدنا عيسى لما شعر أن بني إسرائيل لن يرضوا بالإيمان قال الله عنه: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:٥٢] سبحان الله، فالحواريون أمنوا وأسلموا.
وقال أتباع سيدنا موسى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف:١٢٦].
وقال سيدنا يوسف في آخر القصة: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:١٠١] هذا الكلام يقال في آخر الحياة.
وبلقيس ملكة سبأ لما جاءت إلى سليمان قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٤٤]، ولم تقل: أسلمت لسليمان، لا، بل قالت: {أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ} [النمل:٤٤]، فلا واسطة بينك وبين الله.
قيل: لـ علي بن أبي طالب: ما المسافة بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة.
قل: يا رب، يقل: لبيك يا عبدي، أهذه المسافة قريبة أم أنها غير قريبة؟ وتطرق باب الله في أي وقت، وباب الله لا يغلق أبداً، اللهم! فتح لنا أبواب رحمتك، وأكرمنا ولا تهنا يا رب العالمين، إنك يا مولانا على ما تشاء قدير.