إذاً: أقول: إن المسلم لا يتمنى على الله الأماني، فليس الإيمان بالتمني ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل؛ لأن الإيمان خمسة: إيمان مطبوع، وإيمان مقبول، وإيمان مردود، وإيمان لا إيمان، وإيمان التمني.
فالإيمان المطبوع: إيمان الملائكة، فهم مطبوعون على الطاعة والعبادة والتوحيد، قال تعالى:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦] لكن إذا نظرت إلى خوفهم يوم القيامة وفي أرض المحشر ويوم الحساب، لقلت: سبحان الله، إذ تقول الملائكة يوم القيامة: سبحانك سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، حتى إنه لينادى على جبريل فيأتي جبريل تصطك قدماه خشية من الله عز وجل، يخاف أن يكون قد قضى الله في أمره شيئاً، قال تعالى:{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣].
وإيمان مقبول: إيمان المؤمن.
وإيمان مردود -والعياذ بالله-: إيمان المنافق.
وإيمان لا إيمان: إيمان المبتدع: (ألا إن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
وإيمان لا يخرج العبد منه بشيء يوم القيامة: وهو المفلس الذي صلى وصام وزكى وآمن، ولكنه أخذ حقوق العباد، وجاء يوم القيامة بلا حسنات؛ فالناس يوم القيامة كما قلنا أقسام ثلاثة: أغنياء بالحسنات: اللهم اجعلنا منهم يا رب! وفقراء من الحسنات: لا تجعلنا منهم يا رب! وأغنياء من الحسنات يصيرون فقراء.
أغنياء بالحسنات: الصحابة والتابعون ومن نحا نحوهم.
فقراء من الحسنات: ليس معهم حسنة واحدة، وعندما أركز على الأخوة الصالحة في الإسلام، رجل نجا بحسنة واحدة، ورجل دخل النار بسيئة واحدة، وتفصيل ذلك: أن رجلاً أتى بواحد وخمسين في المائة، وأخاه في الله أتى بتسعة وأربعين في المائة، فالأول نجا بحسنة فأخذوه إلى الجنة، والذي لديه تسعة وأربعون في المائة زاد بسيئة فأخذوه إلى النار والعياذ بالله فقال لمن أخذ إلى الجنة: يا أخي! قال: نعم، قال له: أما من منة لي عليك في الدنيا؟ قال: لا، لا أنكر أبداً شيئاً مما مننت به علي، لقد أخذتني إلى كذا وعلمتني كذا وفقهتني في كذا وكذا وكذا، ويعدد له، فيقول له: ما بالك لو أعطيتني الحسنة التي زادت وأنا وأنت نصير من أصحاب الأعراف؟ فرق قلب أخيه له فقال: ما دمنا الاثنان في رحمة الله فخذ، فيقول الله عز وجل: ماذا صنعت يا عبدي! يا جبريل، لم لم تأخذوه إلى النار؟ لماذا تتلكئون فيه؟ قال: يا رب! هذا الرجل له زيادة حسنة، وهذا تنقصه حسنة فتنازل له، فالاثنان حسناتهما لا تدخلهما الجنة، ولا سيئاتهما تدخلهما النار، فقال الله: يا عبدي! أأنت أكرم منا؟ أجئتنا لتعلم لطيفاً خبيراً؟ ادخلا إلى الجنة.
نسأل الله أن يخفف عنا وعنكم، وأن يتوب علينا وعليكم، اللهم تب علينا توبة خالصة نصوحاً، واجعل هذه الدروس في ميزان حسناتنا جميعاً يوم القيامة، علمنا منها ما جهلنا، ذكرنا منها ما نسينا، وفقنا لما تحبه وترضاه يا أكرم الأكرمين! آمين يا رب العالمين!