كذلك تعمل نفس القضية في الأخلاق السيئة، تأخذ ورقة معك إلى العمل وتكتب فيها الأخلاق المحمودة، وتكتب في الصفحة الثانية الأخلاق المذمومة، مثل الواجب الذي يكتبه الولد خارج المدرسة، أنت أيضاً تشتري دفتراً للأخلاق الحميدة والمذمومة التي تعملها، فتقول مثلاً: الأخلاق الحميدة هي الصدق، والحلم، والكرم، والجود، والتوكل على الله، واليقين، وكظم الغيظ، ومن الأخلاق الذميمة: الكبر، والحسد، والكبرياء، والاختيال على عباد الله، والسخرية.
فلو أن كل شخص فعل هذا الفعل لانشغل الناس بعيوب أنفسهم وتركوا عيوب الآخرين، وهكذا كان صحابة الحبيب المصطفى، كل واحد منهم كان مشغولاً بنفسه، فليس عنده وقت يشغل فيه نفسه بغيره، والذي يجعلنا نتكلم في عيوب الناس: أننا نسينا عيوبنا، ولو أن كل إنسان شغل نفسه بعيوبه لانقضت الحياة ولم توجد هناك عيوب؛ لأن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، اللهم اجعلنا منهم يا أكرم الأكرمين! إذاً: ليس المسلم بمنأى عن النار فربما فتح لك باب العمل وأغلق عليك باب القبول، يعني: ربنا قد يفتح لك أبواب العمل، فتحضر مجالس العلم، وتقرأ القرآن، وتقوم الليل، وتصوم النهار، ولكن باب القبول قد أغلق، هل أحد يسأل الله عز وجل عما يفعل؟ {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣]، هذا سيدنا عيسى لما رآه إبليس قال له: ألست تقول إنك روح الله، ونبي الله، ورسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم؟ قال له: نعم، قال له: ربنا معك ويدافع عنك؟ قال له: نعم، قال: إذاً: ارم بنفسك من فوق الجبل لنرى ماذا سيصنع بك ربنا؟ قال عيسى عليه السلام: يا لعين! إن الله هو الذي يختبر عباده، وليس للعباد أن يختبروا رب العباد!