[الأعمال التي تنجي عند الميزان من عذاب الله]
أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة الثالثة عشرة في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، نسأل الله عز وجل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يثقل موازيننا يوم القيامة، اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً لأهله رددته.
اللهم ارزقنا يا مولانا! قبل الموتة توبة وهداية، ولحظة الموت روحاً وراحة، وبعد الموت إكراماً ومغفرة ونعيماً، أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم ثبت أقدامنا على الصراط يوم تزل الأقدام، اللهم أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظله، واسقنا من حوض الكوثر شربة لا نظمأ بعدها أبداً.
اللهم شفع فينا نبينا، اللهم شفع فينا نبينا، اللهم شفع فينا نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم احشرنا تحت لوائه، واجعلنا من الذين يردون حوضه، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم بدون سابقة عذاب يا أكرم الأكرمين! وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
عرفنا أن العباد قد حشروا أمام رب العباد سبحانه، إذ لا وزير فيغشى، ولا حاجب فيؤتى، ولا إنسان يدافع عن إنسان، ثم علمنا كيف يفر المرء من ابنه ومن أبيه ومن أمه ومن عشيرته، وهنا لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
اللهم اجعل قلوبنا سليمة عندك يا رب العالمين.
فالله عز وجل جعل في الأمر رغم صعوبته في الدنيا قواعد يستطيع الإنسان أن يبنيها فينجو يوم القيامة، اللهم اجعلنا من الناجين.
في الحديث الذي رواه مسلم رضي الله عنه والترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبي سمرة رضي الله عنه عن الصادق الأمين المعصوم صلى الله عليه وسلم أنه قال: كنا في المسجد في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلع علينا عليه الصلاة والسلام فقال: (إني رأيت الليلة عجباً) -ورؤيا النبي حق- يعني: ما يراه الرسول صلى الله عليه وسلم كلام واقع ووحي يوحى، وما يراه النبي لا كما نراه نحن، قال: (إني رأيت الليلة عجباً) خيراً يا رسول الله! وهذه هي السنة إذا قصت عليك رؤيا أن تقول: خيراً إن شاء الله، وكان الحبيب يقول: (خيراً إن شاء الله، خيراً تلقاه، وشراً توقاه، خيراً لنا، وشراً لأعدائنا، والحمد لله رب العالمين)، فهذه هي السنة في ردك على من رأى رؤيا يريد أن يقصها عليك.
وفي ليلة أحد قال: (رأيت أن بقراً تذبح، ورأيت ثلمة في سيفي، ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة).
فهذه الرؤيا ثلاثة أجزاء، انظر: رأى بقراً تذبح، ورأى ثلمة في سيفه صلى الله عليه وسلم، رأى أنه أدخل يده في درع حصينة، قال أبو بكر بأدب: (أتأذن لي في تفسيرها يا رسول الله؟! قال: فسر يا أبا بكر! قال: أما البقر التي تذبح: فإنما بعض من صحابتك سوف يستشهدون في هذه المعركة، وثلمة سيفك: فإنما رجل من آل بيتك عزيز لديك يقتل، وأما وضعك يدك في درع حصينة: فعودتك إلى المدينة سالماً غانماً، فتبسم الحبيب وقال: يا أبا بكر! هكذا نزل علي جبريل بتأويلها).