للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إطعام الصالحين وضيافتهم]

في الحديث: (لا يدخل بيتك إلا مؤمن) لماذا؟ من أجل أن يحافظ على حرمتك، فعندما يدخل المؤمن بيتك يحافظ على حرمته، (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لماذا؟ لأن التقي عندما يأكل يدعو لك، وكان ابن مسعود رضي الله عنه كما يقول: أرق إنسان على قلبي -أخف إنسان على قلب ابن مسعود - الضيف، قالوا له: لماذا؟ قال ابن مسعود: لأن رزقه على الله، فلا تظن أنك تطعم الضيف من مالك، بل الضيف رزقه على الله.

قال: لأن رزقه على الله وثوابه لي.

فحتى لو كان الضيف غنياً لابد أن يأخذ ثواباً في إطعامه.

إذاً: الأول: رزقه على الله والثاني: ثوابه لي، والثالث: قوله: ويأخذ ذنوب أهل البيت وهو خارج معه، وقد كان سيدنا الخليل إبراهيم عليه السلام إذا أراد أن يأكل لابد أن يخرج من بيته ويمشي مسافة طويلة إلى أن يلقى ضيفاً فيأتي به.

جاء أعرابي إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم وقال: أنا ضيفك الليلة يا رسول الله! يفرض نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً (دخل الحبيب إلى بيوت نسائه فقال: أعندكن طعام؟ قلن: ما عندنا إلا الماء يا رسول الله! فخرج وقال للصحابة: من يضيف ضيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الليلة؟ فقال أحد الأنصار رضي الله عنهم: أنا يا رسول الله!) وأخذ الضيف وهو فرح به، ليس مثل من يدخل على امرأته بضيف فتشعر امرأته بتفكك كتفكك الاتحاد السوفيتي، إن المسألة سهلة جداً ونحن لا نتكلف وإنما نعطي الموجود، قالت زوجة الأنصاري لزوجها: ليس عندنا طعام إلا الطعام الذي كنت قد أبقيته لك، يعني: طعام يكفي نفراً، والنفر الذي كان يأكله الصحابي كان ثلثاً للطعام وثلثاً للشراب وثلثاً للنفس، يعني: يأكل بضع لقيمات.

قال لها: نطفئ النور ونضع الطبق الذي فيه الأكل أمام الضيف، ونوهمه أننا نأكل من أطباق أمامنا، فنضرب عليها من أجل أن تصدر صوتاً فيظن أننا نأكل معه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن كيس فطن).

وهكذا أكل الضيف وأنهى الذي أمامه وشبع، ولم يأكلوا هم، بل قام الأنصاري وأخذ الضيف وذهب به إلى صلاة الفجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد شكر الله صنيعك الليلة أنت وزوجك بضيف رسول الله).

إذاً: (لا يدخل بيتك إلا مؤمن، ولا يأكل طعامك إلا تقي)، لماذا؟ لأن المؤمن عندما يدخل بيتك يجلس فإن كان عنده كلمة طيبة يقولها.

فمثلاً: تأتي إلى رجل جلس هو وزوجته في أمان الله فتقول: لقد رأيت البارحة شخصاً يشبهك وهو راكب سيارة وبجانبه امرأة، فما هذا البلاء الذي أتيت به؟ فأنت لو سترته بثوبك لكان خيراً لك، وانصحه بينك وبينه، لأنك مرآة أخيك.

<<  <  ج: ص:  >  >>