وقالوا به في الحب عين ونظرة ... لقد صدقوا عين الحبيب ونظرتي.
وأصله من قول الأول:
وجاءوا إليه بالتعاويذ والرقى ... وصبوا عليه الماء من ألم النكس.
وقالوا به من أعين الجن نظرة ... ولو صدقوا قالوا به نظرة الإنس.
ولمؤلفه عفا الله عنه:
وقالوا به صفراء يرجى زوالها ... لقد صدقوا صفراء من خرد الحبش.
تفوق ضياء البدران في الدجى ... وتزري بضوء الصبح أن تبد في الغش.
وما أبدع قول ابن نباتة:
وتاركة بالحزن قلبي مقيدا ... ودمعي على الخدين وهو طليق.
يقولون قد أخلقت جفنك بالبكا ... نعم إن جفني بالبكاء خليق.
وقول السيد عز الدين المرتضى:
وقالوا سقيم أي ورب محمد ... ورب علي إنني لسقيم.
سقيم جفاه الأقربون فقلبه ... به من ندوب الحادثات كلوم.
وقالوا لها هلا ... وأنت كريمة
وصلت الفتى العذري وهو كريم.
ومالك قد أصبحت لا ترحمينه ... وقلبك فيما يزعمون رحيم.
فقالت لهم حي سليم من الهوى ... بلى إنني من حية لسليم.
وقول الشهاب محمود:
رأتني وقد نال مني النحول ... وفاضت دموعي على الخد فيضا.
فقالت بعيني هذا السقام ... فقلت صدقت وبالخصر أيضاً.
ولأبي عامر الجرجاني:
عذيري من شاطر أغضبوه ... فجرد لي مرهفا فاتكا.
فقال أنا لك يا ابن الحسين ... وهل لي رجاء سوى ذلكا.
ولبعضهم:
قلت للأهيف الذي فضح الغص ... ن كلام الوشاة ما ينبغي لك.
قال قول الوشاة عندي ريح ... قلت أخشى يا غصن أن يستميلك.
وللسراج الوراق:
متمارض جعل التغاشي ... من جنايته سبب.
ويقول ما أنا طيب ... صدق الخبيث وما كذب.
وله:
لقنته العذر عن تر ... ك حاجتي لو تصور.
فقلت أنسيتها والن ... سيان أمر مقدر.
فقال لست بناسٍ ... فقلت مولاي أخبر.
وله:
وقائل قال لي لما رأى تلفني ... لطول وعد وآمال تمنيا.
عواقب الصبر فيما قال أكثرهم ... محمودة قلت أخشى أن تحزينا.
ولشمس الدين محمد التلمساني في شاب اسمه علي يعمل الكوافي:
اسم حبيبي وما يعاني ... قد شغلا خاطري ولبي.
قالوا علي فقلت قدرا ... قالوا كوافي فقلت قلبي.
وللشيخ صلاح الدين الصفدي:
لقد أتيت لصاحبي وسألته ... في قرض دينار لأمر كان.
فأجابني والله داري ما حوت ... عينا فقلت له ولا إنسانا.
وله أيضاً:
وصاحب لما أتاه الغنى ... تاه ونفس المرء طماحه.
وقل هل أبصرت منه يدا ... تشكرها قلت ولا راحه.
وله أيضاً:
صدق قلبي نسمات الصبا ... فيما روت عنكم وما شكا.
وقال لا أخبر منها بما ... جاءت به قلت ولا أذكى.
وله أيضاً:
بدا في الخد عارضه فأضحى ... عليه معنفي باللوم يغري.
وحاول أن يرى مني سلوى ... فقال لقد تعذر قلت صبري.
وللسراج الوراق:
شكا رمدا فقيل الآن كلت ... لواحظه من الفتكات فيينا.
وقالوا سيف مقلته تصدى ... فقلت نعم لقتل العاشقينا.
ولنكتف منه بهذا القدر ففيه للطالب كفاية.
تنبيه: هذا النوع أعني القول بالموجب يشترك هو والأسلوب الحكيم في كون كل منهما من إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر، ويفترقان باعتبار الغاية، فإن القول بالموجب غايته رد كلام المتكلم وعكس معناه، والأسلوب الحكيم هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب، بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيها على أنه الأولى بالقصد، أو السائل بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيها على أنه الأولى بحاله أو المهم له.
أما الأول فكقول القبعثري الخارجي للحجاج لما قال له متوعدا بالقيد: لأحملنك على الأدهم، فقال: مثل الأمير من حمل على الأدهم والأشهب. فإنه أبرز وعيده في معرض الوعد، وأراه بألطف وجه أن امرأ مثله في مسند الإمرة المطاعة وبسطة اليد خليق بأن يصفد لا أن يصفد، وأن يعد لا أن يوعد، وكذا قوله ثانيا: ويلك إنه حديد: لن يكون حديديا خير من أن يكون بليدا. وعن سلوك هذه الطريقة في جواب المخاطب عبر من قال مفتخرا: