للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصدك عن أولي أدب فأما ... من استغنى فأنت له تصدى.

ويعجبني قول بعضهم مواليا:

ليل المعنى قد طال بكم لما جن ... والقلب نحو المنازل والحبائب جن.

وقال لما سكر من غير خمر الدن ... يا من يظنوا سلوي أن بعض الظن.

أفقد جفني لذيذ الوسن ... من لم أزل فيه خليع الرسن.

عذاره المسكي في خده ... أنبته الله نباتا حسن.

وقال أيضاً:

قال جوادي عندما ... همزت همزا أعجزه.

إلى متى تهمزني ... ويل لكل همزة.

وقال أخر:

بدر ظننا وجهه جنة ... فمسنا منه عذاب أليم.

وقد قدر الخال على خده ... ذلك تقدير العزيز العليم.

وقول أبي القاسم بن الحسن الكابني:

إن كنت أزمعت على هجرنا ... من غير ما ذنب فصبر جميل.

وإن تبدلت بنا غيرنا ... فحسبنا الله ونعم الوكيل.

وما أحسن قول مجير الدين بن تميم في وكيل بدار القضاء يدعى بالعز:

لا تقرب الشرع إذا لم تكن ... تخبره فهو دقيق جليل.

ووكل العز الذي وجهه ... على نجاح الأمر أقوى دليل.

ولا تمل عنه إلى غيره ... فحسبنا الله ونعم الوكيل.

وهذا اقتباس بالتورية.

ومثله ما حكي: أن النصير المحامي قال للسراج الوراق: قد امتدحت الصاحب بهاء الدين بقصيدة؛ وهي الليلة تقرأ بين يديه؛ وأشتهي منك أن تزهره لها.

فلما أنشدت قال السراج الوراق بعد الفراغ:

شاقني للنصير شعر بديع ... ولمثلي في الشعر نقد بصير.

ثم لما سمعت باسمك فيه ... قلت نعم المولى ونعم المصير.

ومن بديع الاقتباس بالتورية أيضاً قول القاضي محي الدين بن عبد الظاهر:

بأبي فتاة من كمال صفاتها ... وجمال بهجتها تحار الأعين.

كم قد دفعت عواذلي عن وجهها ... لما تبدت بالتي هي أحسن.

وأخذه الشيخ جمال الدين بن نباتة بقافيته، ولكن زاده إيضاحا بقوله:

يا عاذلي شمس النهار جميلة ... وجمال فاتتني ألذ وأجمل.

فانظر إلى حسنيهما متأملا ... وادفع ملامك بالتي هي أحسن.

وألم به الشيخ عز الدين الموصلي وما خرج أيضاً عن إيضاحه فقال:

قد سلونا عن المليح بخودٍ ... ذات وجه به الجمال تفنن.

ورجعنا عن التهتك فيه ... ودفعناه بالتي هي أحسن.

ومنه قول ابن نباتة في خادم اسمه كافور:

يا لائمي في خادم لي سيد ... قسما لقد زدت السلو نفورا.

ولقد أدرت على المسامع شربة ... في الحب كان مزاجها كافورا.

ولأبي الفضائل أحمد بن يوسف بن يعقوب قصيدة حسنة اقتبس فيها أكثر سورة مريم عليها السلام، أولها:

لست أنسى الأحباب ما دمت حيا ... إذ نووا للنوى مكانا قصيا.

وتلوا آية الدموع فخروا ... خيفة البين سجدا وبكيا.

وبذكراهم يسبح دمعي ... كلما اشتقت بكرة وعشيا.

وأناجي الإله من فرط حزني ... كمناجاة عبده زكريا.

واختفى نورهم فناديت ربي ... في ظلام الدجى نداء خفيا.

وهن العظم بالبعاد فهب لي ... رب بالقرب من لدنك وليا.

واستجب في الهوى دعائي فإني ... لم أكن بالدعاء منك شقيا.

قد فرى قلبي الفراق وحقا ... كان يوم الفراق شيئا فريا.

ليتني مت قبل هذا وغني ... كنت نسيا يوم النوى منسيا,

وهي نحو من ثلاثين بيتا على هذا النمط.

وما أبدع قول الصاحب عطا ملك في دوبيت:

يا طاقة شعرة براسي انتشبت ... بيضاء تصارفي بها قد ذهبت.

يا واحدة سواد قوم نهبت ... كم من فئة قليلة قد غلبت.

وقال أبو الحسن الباخرزي:

يزني دهري اللئيم كريما ... كان لي والدا وكنت أنا ابنا.

كل شيء يبيد والله باق ... ربنا إننا إليك أنبنا.

وما أصدق قول صفي الدين الحلي رحمه الله تعالى:

يا عترة المختار يا من بهم ... أرجو نجاتي من عذاب أليم.

حديث حبي لكم سائر ... وسر ودي في هواكم قديم.

قد فزت كل الفوز غذ لم يزل ... سراط ديني بكم مستقيم.

ومن أتى الله بعرفانكم=فقد أتى الله بقلب سليم.

ومن الاقتباس الذي هو غير مقبول، بل هو من المردود المرذول قول ابن النبيه يمدح القاضي الفاضل:

<<  <   >  >>