وكان عبد الله (بن) طاهر يقول: ما حك ظهري مثل ظفري، ولأن أخطأ مع الاستبداد ألف خطأ أحب إلي من أن استشير فالحظ بعين النقص والحاجة.
مدح العتاب - قال بعض البلغاء: العتاب حدائق المتحابين، وثمار الأوداء، والدليل على الضن بالأخوة. وكان يقال: ظاهر العتاب خير من باطن الحقد.
(وقال) أبو لادرداء: معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله.
(وقال) بعضهم:
ترك العتاب إذا استحق أخ ... منك العتاب ذريعة الهجر
وقال الشاعر:
نعاتبكم يا آل عمرو لحبكم ... إلا إنما الملقي من لا يعاتب
وقال آخر: - (ويبقى الود ما بقي العتاب) وقال آخر: - (وفي العتاب حياة بين أقوام) وقال آخر:
إذا تخلفت عن صديق ... ولم يعاتبك في التخلف
فلا تعد بعده إليه ... فإنما حبه تكلف
(وقال) آخر:
علامة ما بين المحبين والهوى ... عتابها في كل حق وباطل
(وقال) آخر:
ومن لم يعاتب في التواني خليله ... وأملى له صار التواني تماديا
ذم العتاب - قال بعضهم: كثرة العتاب داعية الاجتناب. وقال الشاعر:
إن بعض العتاب يدعو إلى الع ... ب ويوذي من المحب الحبيبا
وإذا ما القلوب لم تضمر الود ... فلن يعطف العتاب القلوبا
وقال آخر:
ودع ذكر العتاب فرب شر ... طويل هاج أوله العتاب
وقال آخر:
إذا ما كنت منكر كل ذنب ... ولم تحمل أخاك عن العتاب
تباعد من تقارب بعد قرب ... وصار به الزمان إلى اجتناب
وقال آخر:
أقلل عتاب من استربت بوده ... ليست تنال مودة بعتاب
وفي نوابع الكلم: الكتاب الكتاب، أن أردت العتاب، إن العتاب مسافهة، متى كان مشافهة.
مدح الشباب - قال الصولي في كتاب فضل الشباب على الشيب الذي ألفه للمقتدر: إن السن لا تقدم مؤخرا ولا تؤخر مقدما، بل ربما عدل بجلائل الأمور ومهمات الخطوب عن المشايخ إلى الشبان لاستقبال أيامهم، وسرعة حركاتهم، وحدة أذهانهم، وتيقظ طباعهم؛ ولأنهم على ابتناء المجد أحرص وإليه أصبا وأحوج. وقد أخبر الله عز اسمه أنه أتى يحيى بن زكريا عليهما السلام الحكمة في سن الصبا فقال: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا) وذكر الفتية في غير موضع من كتابه فقال: (إذ أوى الفتية إلى الكهف) وقال: (إنهم فتية آمنوا بربهم) وقال عز ذكره: (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) وقال (في موضع) آخر: (وإذ قال موسى لفتيه) وعن ابن عباس أنه قال: ما بعث الله نبيا من الأنبياء عليهم السلام إلا شابا، ولا أتى العلم عالما إلا وهو شاب ثم تلا هذه الآية: (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) .
وقال بعض البلغاء: الشباب باكورة الحياة، وأطيب العيش أوائله كما أن أطيب الثمار بواكيرها.
ولما أنشد منصور النمري الرشيد قوله:
ما تنقضي حسرة مني ولا جزع ... إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع
ما كنت أوفي شبابي كنه عزته ... حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع
بكى الرشيد حتى اخضلت لحيته ثم قال: يا نمري ما خير دنيا لا يخطر فيها برداء الشباب.
(وقال) يوتس أغوى: ما بكت العرب على شيء ما بكت على الشباب، وما بلغت منه ما يستحق.
وقال الجاحظ في معنى قول أبي العتاهية:
إن الشباب حجة الصتابي ... روائح الجنة في الشباب
معنى كمعنى الطرب الذي تشهد بصحته القلوب وتعجز عن صفته الألسنة.
ذم الشباب - كان يقال: الشباب مطية الجهل، ومطية الذنب.
وقال النابغة الذبياني:
فإن يك عامر قد قال جهلا ... فإن مطية الجهل الشباب
وقال الغيبي: قالت عهدتك مجنونا فقلت لها=إن الشباب جنون برؤه الكبر وقال أبو الطيب المصعبي:
لم أقل للشباب في كنف الله وفي سترة غداة استقلا
زائر زارني أقام قليلا ... سود الصحف بالذنوب وولى
وقال آخر:
ما أبصرت عيناي أغدر زائر ... في الدهر من هذا الشباب الراحل
أكرمته وبررته حتى إذا ... واحا حال على المشيب القاتل
مدح الشيب - في الخبر أن الله سبحانه يقول: الشيب نوري، وأنا أستحي أن أحرق نوري بناري.
وكان يقال: الشيب حلية العقل وسمة الوقار.
وكان يقال: المشيب زبدة مخضتها الأيام، وفضة سبكتها التجارب.