يا خليلي أبكيا عني فقد ... صار دمع العين مني أحمرا
وأمطرا دمعكما وادي الحمى ... إن من حق الحمى أن يمطرا
وإذا شارفتما بي رامة ... فرما الريم الذي قد نفرا
تجداه راتعا مستفيئا ... سلمات وبشاما وأرا (ك)
والضرب الثاني - ما كان مع التورية كقول الشيخ جمال الدين بن نباتة:
بروحي أمر الناس نأيا وجفوة ... وأحلاهم ثغرا وأملحهم شكلا
يقولون في الأحلام يوجد شخصه ... فقلت ومن ذا بعده يجد الأحلا (م)
وقل فخر الدين بن مكانس:
لم أنس بدرا زارني ليلة ... مستوقرا ممتطيا للخطر
فلم يقم إلا بمقدار أن ... قلت له أهلا وسهلا ومر (حبا)
وقول ابنه مجد الدين بن مكانس:
نزل الطل بكرة ... وتوالى تجددا
والندامى تجمعوا ... فأجل كأسي على الندا (مى)
وقول العلامة بدر الدين الدماميني:
أقول لصاحبي والروض زاه ... وقد فرش الربيع بساط زهر
تعال نباكر الروض المفدى ... وقم نسعى إلى ورد ونسري (ن)
وقوله أيضاً:
شقائق النعمان الهو بها ... إن غاب من أهوى وعز اللقا
فالخد في القرب نعيمي وإن ... غاب فإني اكتفي بالشقا (ئق)
وقوله:
الدمع قاض فافتضاحي في هوى ... رشأ يغار الغصن منه إذا مشى
وغدا بوجدي شاهدا ووشى بما ... أخفي فيا لله من قاض وشا (هد)
وقوله:
ورب نهار فيه نادمت أغيدا ... فما كان أحلاه حديثا وأحسنا
منادمتي فيها مناي وحبذا ... نهارا تقضى بالحديث وبالمنا (دمه)
وقول صدر الدين بن الآدمي الحنفي:
يا متهمي بالسقم كن منجدي ... ولا تطل رفضي فإني علي (ل)
أنت خليلي فبحق الهوى ... كن لشجوني راحما يا خلي (ل)
وأغرب ابن حجر في قوله وأجاد:
أطيل الملام لمن لامني ... وأملأ في الروض كأس الطلا
وأهوى الملاهي وطيب الملاذ ... فها أنا منهمك في الملا (م. ذ. هي)
وأبدع ابن حجة في قوله:
يقولون صف أنفاسه وجبينه ... عسى للقا يصبو فقلت له صبا (ح)
وغالطت إذ قالوا أباح وصاله ... وإلا أبى قربا فقلت لهم أبا (ح)
وقلت أنا في ذلك وفيه توريتان:
هجر الحبائب جانبي ... ونزلن منعرج اللوى
فظللت أعسف في الهوا ... جر سائرا طوع النوى
وصلى الهوى قلبي فوا ... كرباه من حر الهوا (جر)
وقلت أيضاً:
سمح البدر بوصل فشفى ... من جوى الحب سقيما مغرما
وسما عن مشبه ثم ومن ... أين للبدر شبيه في السما (ح)
وقلت أيضاً:
أصابت نواظره مهجتي ... وزادت نواه فؤادي جوى
فقلت وقد أكثر العاذلون ... دعوني فأني قتيل النوا (ظر)
وبيت بديعية الشيخ صفي الدين الحلي من النوع الأول من الاكتفاء الذي هو بجميع الكلمة وهو قوله:
قالوا ألم تدر أن الحب غايته ... سلب الخواطر والألباب قلت لم
قال ابن حجة: عجبت للشيخ صفي الدين كيف استحسن هذا البيت ونظمه في سلك أبيات بديعيته مع ما فيه من الركة، والنظم السافل، وبرد موضع الاكتفاء بلفظة (لم) مع أنه غير مكلف بتسمية النوع، ولا ملتفت إلى تورية. انتهى. أسرف وما أنصف.
ولم ينظم ابن جابر الأندلسي هذا النوع في بديعيته.
وبيت بديعية العز الموصلي جمع بين نوعي الاكتفاء وهو:
وما اكتفى الحب كسف الشمس منه إذا ... حتى انثنى يخجل الأغصان حين يمي
فقوله: (إذا) من النوع الأول، إذ من المعلوم أن بعده (بدا) لما تقدم ذكره كسف الشمس، وقوله (حين يمي) من النوع الثاني، لأن المراد (حين يميل) أو (يميس) أو (يميد) ، ولا أرى في هذا البيت تورية، وقد قال ابن حجة: أنه التزم فيه التورية.
وبيت بديعية ابن حجة من النوع الثاني من الاكتفاء مع التورية:
لما اكتفى خده القاني بحمرته ... قال العواذل بغضا أنه لدمي
أراد: لدميم، وهو بالدال المهملة: الحقير، وهذا الاكتفاء ينظر إلى قول القائل:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسدا وبغضا أنه لدميم