للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيضاء قتلي دأبها ... في نأيها وثوائها

فإذا دنت بجفونها+وإذا نأت بجفائها

لا تلتقي أبدا مواعدها بيوم وفائها

الشمس من ضراتها ... والبدر من رقبائها

والصبح فوق لثامها ... والليل تحت ردائها

مضرية تنمى إذا انتسبت إلى حمرائها

باتت وأطراف الرماح ... تجول حول خبائها

فالموت دون فراقها ... والموت دون لقائها

ولقد مررت بربعها ... بعد النوى وفنائها

والعين في الأطلال ساكنة على أطلائها

فوقفت أنشد في مطا ... لعها بدور سمائها

وبكيت حتى كدت أع ... طف بانتي جرعائها

يا موحش العين التي ... أنست بطول بكائها

غادرت بين جوانحي ... نفسا تموت بدائها

تشتاق عيني أن ترا ... ك وأنت في سودائها

فإذا بخلت بنظرة ... سمحت بجمة مائها

فكأنها كف الخلي ... فة أسبلت بعطائها

وقول أبي الفتوح نصر الله بن قلاقس من قصيدة يمدح بها أبا المنصور محمود عين الأمراء بالديار المصرية، وهي من غرر القصائد، أولها:

لا تثن عطفك إن الروض قد جيدا ... ما عطل القطر من أنوائه جيدا

إذا تبسم ثغر المزن عن يقن ... فانظره في وجنات الورد توريدا

وإن تناثر در منه فاجتله ... بمبسم الأقحوان الغض منضودا

واستنطق العود أو فاسمع غرابته ... من ساجع لحنه يسترقص العودا

يشدوا وينظر أعطافا منمقة ... كأنه آخذ عنها الأغاريدا

ومنها:

ماذا على العيس لو عادت بربتها ... بقدر ما يتقاضاها المواعيدا

رد الركاب لأمر عن في خلدي ... وسمه في بديع الحب ترديدا

وقف أبثك ما لان الحديد له ... فإن صدقت فقل هل أبت داودا

حلت عرى النوم عن أجفان ساهرة ... رد الهوى هدبها بالنجم معقودا

تفجرت وعصى الجوزاء تضربها ... فأذكرتني موسى والجلاميدا

وما أبدع ما قال بعده:

يا ثعلب الصبح لا سرحان أوله ... كل الثريا فقد صادفت عنقودا

وما زال يتصرف في هذه الأغراض، ويقتطف أنوار هذه الرياض إلى أن قال:

سمعت بالجود مفقودا فهل أحد ... يقول لي قد وجدت الجود موجودا

الحمد لله لا والله ما نظرت ... عيناي بعد أبي المنصور محمودا

وقول أبي العباس أحمد القطرسي من قصيدة يمدح بها الأمير شجاع الدين جلدك، أولها:

قل للحبيب أطلت صدك ... وجعلت قتلي فيه وكدك

إن شئت أن أسلو فرد علي قلبي فهو عندك

وما ألطف قوله منها:

أحرقت يا ثغر الحبيب ... حشاي لما ذقت بردك

إلى أن قال:

يا قلب من لانت معاطفه علينا ما أشدك

أتظنني جلد الهوى ... أو أن لي عزمات جلدك

وقول ذي الوزارتين محمد بن عمار الأندلسي من قصيدة في المعتمد بن عباد مطلعها:

أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف العنان عن السرى

والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استرد الليل منا العنبرا

والروض كالحسنا كساه زهره ... وشيا وقلده نداه جوهرا

أو كالغلام زها بورد حيائه ... خجلا وتاه بآسهن معذرا

روض كأن النهر فيه معصم ... صاف أطل على رداء أخضرا

وتهزه ريح الصبا فتظنه ... سيف ابن عباد يبدد عسكرا

وما أحسن قوله منها في المديح:

ملك إذا ازدحم الملوك بمورد ... ونحاه لا يردون حتى يصدرا

أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذ في الأجفان من سنة الكرى

قداح زند المجد لا ينفك عن ... نار الوغى إلا نار القرى

يختار أن يهب الخريدة كاعبا ... والطرف أجرد والحسام مجوهرا

وقول الأديب أبي البقاء صالح بن شريف الرندي من قصيدة يمدح بها بعض أكابر المغرب، وهي من غرر القصائد، مطلعها:

سلم على الحي بذات العرار ... وحي من أجل الحبيب الديار

وخل من لام على حبهم ... فما على العشاق في الحب عار

ولا تقصر في اغتنام المنى ... فما ليالي الأنس إلا قصار

وإنما العيش لمن رامه ... نفس تدارى وكؤوس تدار

ومنها:

لا صبر للشيء على ضده ... والخمر والهم كماء ونار

<<  <   >  >>