للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو اهتدى لائمي عليه ... ناح على نفسه وعدد

أكسبني نشوة بطرف ... سكرت من خمرة فعربد

غصن نقا حل عقد صبري ... بلين خصر يكاد يعقد

فمن رأى ذلك الوشاح الصائم صلى على محمد

وعارض هذه القصيدة مجد الدين فضل الله بن الصاحب فخر الدين ابن مكانس بقصيدة نبوية أيضاً حاز بها الفخر عليه، وجاء في مخلصها ببديع التورية، ولا بأس بإيراد غزلها هنا، فإنه في غاية الحسن والرقة، وأولها:

وحق من بالجميل عود ... ما لسقيم الغرام عود

كيف وقد هام في حبيب ... بقتل عشاقه تعود

ظبي كحيل الجفون أحوى ... غصن رشيق القوام أملد

يعزى إلى الترك في انتساب ... وإنما لحظه مهند

كالشمس إن لاح والمها إن ... رنا وكالغصن إن تأود

أطلق دمعي دما وقلبي ... بأسره في الهوى مقيد

وأضرم النار في فؤادي ... فليته بالوصال أخمد

مبجل لا يكاد عجبا ... يسمح عند السلام بالرد

يصير في الحسن إن تثنى ... بين جميع الملاح مفرد

نومي وصبري عليه فرا ... ولم أذق ريقه المبرد

لا عيب فيه حماه ربي ... إذا تأملته سوى الصد

لو عشقته جبال رضوى ... كان لها بالصدود هدد

أتهمني بالمنام لكن ... ومن أغاث الورى وأنجد

لم أعرف النوم مذ جفاني ... وها نجوم السماء تشهد

قلت له إذ أراد شدا ... بخصره يا مهفهف القد

حليت قلبي وعقد صبري ... وعاطل الخصر منك بالشد

وسيف جفنيك يا حبيبي ... قد زاد في حسنه عن الحد

وا عجبا فيك ضاع نسكي ... وأنت عند الغناء معبد

أجارك الله قد رثت لي ... مما ألاقي عدى وحسد

وعاذلي إذ رأى ضلوعي ... تعد سقما بكى وعدد

يا ناعس الطرف يا غزالا ... جفني بهجرانه مسهد

كم حمد العالمون وصفي ... لغادة قينة وأغيد

فعدت عنه تقىً وعودي ... لمدح خير الأنام أحمد

ومن حسن التخلص الغريب الذي ما اهتدى إليه في جنح الليل بشعلة فكره أريب، قول ذي الوزارتين لسان الدين بن الخطيب من قصيدة فريدة يمدح بها النبي الحبيب صلّى الله عليه وآهل وسلّم، ما تخلص شاعر من غزل ونسيب:

ودجنة كادت تضل بني السرى ... لولا وميضا بارق وصفيح

وعشت كواكب جوها فكأنها ... ورق تقلبها بنان شحيح

صابرت منها لجة مهما ارتمت ... وطمت رميت عبابها بسبوح

حتى إذا الكف الخضيب بأفقها ... مسحت بوجه للصباح صبيح

شمت المنى وحمدت أدلاج السرى ... وزجرت للآمال كل سنيح

فكأنما ليلي نسيب قصيدتي ... والصبح فيه تخلصي لمديحي

لما حططت لخير من وطئ الثرى ... بعنان كل مولد وصريح

ومنه قول أبي الحسين الجزار يمدح جمال الدين موسى بن يغمور:

جسرت على لثم الشقيق بخدها ... ورشف رضاب لم أزل منه في سكر

ولست أخاف السحر من لحظاتها ... لأني بموسى قد أمنت من السحر

ومنه قول الشيخ أبي جعفر الموفق بن علي الكاتب من قصيدة مدح بها الوزير نظام الملك:

أمط كدر الأشجان عنا وهاتها ... على رنة الأوتار صرفا مروقا

إذا مزجت فاحت فخلت نسيمها ... بأخلاق مولانا الوزير تعبقا

وقوله أيضاً يمدح نصر الله بن بصاقة:

وكم ليلة قضيتها معسرا وفي ... تزخرف آمالي كنوز من اليسر

أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى ... إذا جاء نصر الله تبت يد الفقر

وقوله أيضاً يمدح صدر الدين من قصيدة مطلعها:

لا تسألا في الحب عن أشجانه ... فشانه مخبر عن شانه

وإن يكن ما فاه بالشكوى فقد ... أغنى لسان الدمع عن لسانه

إلى أن قال:

وأعجب الأشياء إن قلبه ... سار وما حن إلى أوطانه

أظنه لما رأى رسما عفا ... أنكر ما قد كان من عرفانه

صبا لغزلان النقا وكل من ... حل النقا يصبو إلى غزلانه

ما أن له من مشبه في حسنه ... ولا لصدر الدين في إحسانه

وقول الصاحب بهاء الدين زهير من قصيدة يمدح بها الأمير مجد الدين إسماعيل الملطي:

وقف السحاب على الثرى متحيرا ... ومشى النسيم على الرياض مقيدا

<<  <   >  >>