للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قول السيد الإمام أبي الرضا ضياء الدين فضل الله بن علي بن عبد الله الراوندي من قصيدة:

سفرت لنا عن طلعة البدر ... إحدى الخرائد من بني بدر

فأجل قدر الليل مطلعها ... حتى تراءت ليلة القدر

لو أنها كشفت لآلئها ... من قولها والعقد والثغر

لأضاءت الدنيا لساكنها ... والليل في باكورة العمر

حتى يظن الناس أنهم ... هجم العشاء بهم على الفجر

وحديثها سحر إذا نطقت ... لو كان طعم الشهد للسحر

وحسبتها بدر التمام إذا ... حاذاك لولا كلفة البدر

يا لائمي كف الملام فقد ... غلب الغرام بها على الصبر

فوحق فاحمها الأثيث وهل ... في ذلكم قسم لذي حجر

إني إلى معسول ريقتها ... أظما من الصادي إلى القطر

عهدي بنا والوصل يجمعنا ... كالوز توأمتين في قشر

أقول: هذا تشبيه ليس في اللطف شبيه, وهو معنى بكر, ولم يفتضه قبله فكر في هذا الباب.

وقوله أيضاً:

آه لبرق أومضا ... هاج غرامي ومضى

كأنه لما بدا ... لمع سيوف تنتضى

أو التواء حية ... قتلته فنضنضا

ويا لريح نسمت ... من ساكني ذات الاضا

مريضة لم تستطع ... من ضعفها أن تنهضا

فاحتبست على الربى ... وكل نبت روضا

حتى غدت لطيمة ... مفضوضة على الفضا

يا برق يا ريح معا ... تركتماني حرضا

ما لكما أوقدتما ... على الحشا جمر الغضا

وا أسفا على الصبا ... أكان دينا يقتضي

عاد برغم معطسي ... ذاك الغداف أبيضا

وعاد حقي باطلا ... وعدا جسمي غرضا

لهفي على عهد الصبا ... أفلت عني وانقضى

جار عليه الشيب لما أن قضى فلا قضى

أظلمت الدينا على ... عيني لما أن أضا

من الذي أشكو إذا ... صار الطبيب ممرضا

آه على شبيبة ... إذا شدا أو قرضا

على مراثيها فقد ... أبقت بقلبي مرضا

وقوله أيضاً وهو من الحسن بمكان:

يا سقى الله عشيات الحمى ... بين أكناف النقا فالمنحنى

وليالي بجمع أنها ... فرص العمر وتارات المنى

بينما نحن معا نرتع إذ ... تركوا الخيف وأمو اليمنا

حرست بيضهم بيض الظبي ... ورعت سمرهم سمر القنا

وأتت عاذلتي باكرة ... أن رأتني صبا حلف ضنى

ثم لما أعجبتها نفسها ... وأذابت قلبي الممتحنا

حلفت لو أنني كنت أنا ... أنت لم أختر لروحي المحنا

قالت خليني وخلي عذلي ... ما أنا أنت ولا أنت أنا

ومنه قول ابنه السيد الإمام عز الدين علي بن أبي الرضا فضل الله الراوندي رحمه الله:

سلا عذبات رامة بل رباها ... سلاها لا عدمتكما سلاها

أنازحه فراجعة سليمى ... إليك أم استقر بها نواهاه

أما ومنى وزمزم والمصلى ... وأركان العقيق من بناها

لقد ألف الفؤاد هوى سليمي ... ولم يخلص إليه هوى سواها

وربة ليلة زهراء بتنا ... نروي من جوانحنا صداها

فلف الصبح أردية الدياجي ... ورف على مطارفنا نداها

فقامت تعقد الأزرار عجلى ... وقد حلت مدامعنا حباها

فتبكي تارة وتنوح أخرى ... أسى فلها بكاي ولي بكاها

وقوله أيضاً: يقولون أن الركب بعد غد غاد=فهل لفؤادي أن غدا الركب من فادي

يقولون لا قالوا ويحكون لا حكوا ... بأن غدا يحدو بضعنهم الحادي

فيا نفس فيضي لات حين تبلد ... ويا عين فيضي ليس ذا وقت ابلاد

فهذا ولما يخل منهم نديهم ... فكيف بأحوالي إذا ما خلا النادي

فديتك هل بعد الفراق تواصل ... وهل يرتجى التقريب من بعد إبعاد

هداني إليك الحب ثم أضلني ... فكيف احتيالي والمضل هو الهادي

دعاني الهوى سرا فلبيت جهرة ... وإن كان إضلالي إليه وإرشادي

فقال الحجى مهلا فقلت له مهٍ ... فإني في واد وإنك في واد

ومن المطرب قوله أيضاً:

ذكرتكم والشهب رزجى من السرى ... وكف الثريا للغرب تشير

فقلت لندماني قوما فعالجا ... فؤادا يسير الوجد حيث يسير

<<  <   >  >>