للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال إلى صب له من جوى النوى ... قرين ومن فرط الغرام عشير

له رنة من بعدها ألف رنة ... إليكم ومن بعد الزفير زفير

فقالا معا في السر ناد فؤاده ... فإن لم يعد لا عاد فهو أسير

نهل من فؤاد سالم نستعيره ... فإن فؤاد الهاشمي كسير

وقوله أيضاً:

سري طيفها والشهب صاح ونشوان ... وجنح الدجى في عرصة الجو حيران

وكف الثريا بالدعاء مليحة ... وصحن الثرى من عسكر الزنج ملآن

فأرقني بالوجد والركب جنح ... وأكثرهم من قهوة النوم سكران

ألا أيها الوجد الذي هو قاتلي ... ترفق قليلا إنما أنا إنسان

فلو أنه ما بي بثهلان بعضه ... لأصبح رجراج الذرى منه ثهلان

ومنه قول الشريف أبي السعادات هبة الله بن علي الحسني المعروف بابن الشجري البغدادي:

هذي السديرة والغدير الطافح ... فاحفظ فؤادك إنني لك ناصح

يا سدرة الوادي التي هي ظلة ... الساري هداه نشرها المتفاوح

هل عائد قبل الممات لمغرم ... عيش تقضى في ظلالك صالح

ومنها:

ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا ... فيه مراتع للمها ومسارح

ظلنا بها نبكي فكم من مضمر ... وجدا أذاع هواه دمع سافح

محت السنون رسومها فكأنما ... تلك العراص المقفرات نواضح

يا صاحبي تأملا حييتما ... وسقى دياركما الملث الرائح

أدمى بدت لعيوننا أم ربرب ... أم خرد أكفالهن رواج

أم هذه مقل الصوار رنت لنا ... خلل البراقع أم قنا وصفائح

لم تبق جارحة وقد واجهننا ... إلا وهن لها بهن جوارح

كيف ارتجاع القلب من أسر الهوى ... ومن الشقاوة أن يراض القارح

لو بله من ماء ضارج شربة ... ما أثرت للوجد ففيه لواقح

ومنه قول السيد أبي الحسن علي بن رضي الدين الحسيني:

لعمرك ما نجدية الدار أتهمت ... فحنت إلى نجد وأنت من الوجد

بأجزع مني لا وأسكب عبرة ... وأدنى الذي أخفي كأقصى الذي تبدي

أقول إذا ما الليل أرخى سدوله ... وطال مطال الصبح والقول لا يجدي

ألا ليت شعري هل أرى الصبح طالعا ... بوجهك لي أفديه من طالع سعد

وإن جل ذاك الوجه عن قدر مهجتي ... فليس على العبد الضعيف سوى الجهد

لو كنت أعطى ما أشاء من المنى ... لما كنت تمشي قط إلا على خدي

وقوله أيضاً:

وما زهرات الروض باكرها الندى ... ولا البدر فيما بين أنجمه الزهر

بأحسن من سعدى إذا ما تبسمت ... بياقوت فيها عن نظام من الدر

ومن المرقص قول الشريف أبي محمد الحسن بن أبي الضوء العلوي الحسيني من قصيدة يرثي بها النقيب الطاهر أبا عبيد الله:

أحملاني إن لم يكن لكما عق ... ر إلى جنب قبره فاعقراني

وانضحا من دمي عليه فقد كا ... ن دمي من نداه لو تعلمان

هكذا عزا هذين البيتين العماد الكاتب في الخريدة للشريف.

قال المؤلف: ووقفت في كتاب الأذكياء للشيخ أبي الفرج بن الجوزي على حكاية تنافي كون البيتين المذكورين للشريف أبي محمد المذكور. وصورة الحكاية: قال: بلغني عن بعض أصحاب المبرد أنه قال: انصرفت من مجلس المبرد فعبرت على خربة, فإذا أنا بشيخ قد خرج منها وفي يده حجر, فهم أن يرميني به, فتسترت بالمحبرة والدفتر. فقال لي: مرحبا بالشيخ, فقلت: وبك, فقال لي: من أين أقبلت؟ فقلت: من مجلس المبرد, قال: البارد, ثم قال: ما الذي أنشدكم وكان عادته أن يختم مجلسه ببيت وببيتين؟ فقلت: أنشدنا:

أعار الغيث نائله ... إذا ما ماؤه نفدا

وأن أسد شكا جبنا ... أعار فؤاده الأسدا

فقال أخطأ قائل هذا الشعر. قلت كيف؟ قال: ألا يعلم أنه إذا أعار الغيث نائله بقي بلا نائل, وإذا أعار الأسد فؤاده بقي بلا فؤاد؟ هلا قال مثل هذا.

وأنشد:

علم الغيث نداه فإذا ... ما وعاه علم البأس الأسد

فله الغيث مقر بالندى ... وله الليث مقر بالجلد

فكتبتهما عنه وانصرفت. ثم مررت به بعد أيام, وإذا به قد خرج وبيده حجر, فكاد أن يرميني به ثم ضحك وقال مرحبا بالشيخ, أتيت من مجلس المبرد؟ فقلت نعم, فقال: ما الذي أنشدكم؟ فقلت: أنشدنا:

<<  <   >  >>